للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)}: أي: إن (١) لم أُعاجلكم بالعذاب، فستعلمون كيف عاقبةُ ما خوّفتكم به.

وكان القياس أنْ يكونَ {أَمْ} لأحد المذكورين، كما في قولك: أزيد جاءكم أم عمر، ولكن الآية فيها معنى التخويف والتهديد وليس باستفهامٍ، فجاز الجمعُ بين المذكورين.

{وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: قبلَ قومِكَ.

{فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨)}: إنكاري عليهم. وقيل: عقوبتي.

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ}:

ثم نبَّه على قدرته على الخسف وإرسال الحاصب، فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ}: جمع طائر.

{فَوْقَهُمْ}: في الهواء.

{صَافَّاتٍ}: أجنحتهنّ، كالحِداء أو النِّسر (٢).

{وَيَقْبِضْنَ}: أي: أجنحتَهنّ يضربن بها جنوبَهن كالحمام.

وقيل: يَصْفُفْنَ (٣) أحياناً ويقبضن أحياناً.

وقيل: {صَافَّاتٍ}: مصطفات واقفاتٍ، {وَيَقْبِضْنَ}: الأجنحةَ إذا وقفن من الطيران (٤).

وقيل: في الهواء طيورٌ لا يقعن بالأرض أبداً، طعامها النمل والبعوض إذا طرن في الهواء قبضن على أذنابهنّ وأجنحتهنّ. حكاه ابن هيصم (٥).

{مَا يُمْسِكُهُنَّ}: في الجوّ.

{إِلَّا الرَّحْمَنُ}: بقدرته، فإن الثقيلَ يَستفِلُ (٦) طبعاً ولا يعلو.

{إِنَّهُ}: إنَّ اللهَ {بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)}: عالمٍ بمصلحة كلّ شيءٍ.

{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ}: أي:

من جندكم الذي ينصركم، ويحول بينكم وبين عذاب الرحمن، فأمنتم عذابه بسببه.

وقيل: معناه: هل شيءٌ من أصنامكم يدفعُ عنكم عذابَ الله.

{إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠)}: أي: هم مغترّون بغُرور الشيطان، غيرَ

متمسّكين بحجَّةٍ وبرهانٍ. وقيل: معناه: مَن ينصركم سوى الرحمن.

{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}: أي: ومَن يرسل المطرَ

عليكم إنْ أمسكَ اللهُ المطرَ.

وقيل: إنْ أمسكَ جميعَ أسبابِ الرزق.

{بَلْ لَجُّوا}: تمادَوا (٧).

{فِي عُتُوٍّ}: استكبارٍ عن الحقِّ وعن الداعي إليه.

{وَنُفُورٍ (٢١)}: عنه.

{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا}: تقول: كببتُه فأكبَّ.

{عَلَى وَجْهِهِ}: أي: مطرِقاً لا يلتفت ولا يتأمل الطرقَ واختلافَها.

{أَهْدَى}: أرشدَ وأدلَّ.

{أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)}: المعنى: أفمن يمشي مُطرِقاً

لا يلتفتَ إلى الطرقِ (٨) واختلافِها أرشدُ أم الذي يرفعُ رأسَه ينظرَ إلى الجادّة.

وهذا مثلٌ ضربه الله.

وقيل: {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ}: يعملُ بالمعاصي أرشدُ أم مَن يمشي سويّاً يعمل

بطاعة الله.

وقيل: {يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ}: إلى النار، من قوله: {يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [الفرقان: (٣٤)]، كمَن يمشي على قدميه إلى الجنة (٩)،

وقد سبق (١٠).

وقيل: نزلت في أبي جهل، وعمّار، وابن مسعود - رضي الله عنهما - (١١).

{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ}: خلقكم ابتداءً.

{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}: خصَّ هذه الثلاثةَ بالذكر؛

لأن العلومَ والمعارفَ بها تحصل (١٢).

{قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٢٣)}: أي: تشكرون شكراً قليلاً.

و {مَا} زيادة.

وقيل: القلّة عبارةٌ عن العَدَم، كقول الشاعر:


(١) " إن " ساقطة من (أ).
(٢) الحِداء جمع حِدأة، وهي والنِّسر طائران معروفان.
(٣) في (ب) " يضعفن ".
(٤) انظر: جامع البيان (٢٩/ ٨)، تفسير الثعلبي (٩/ ٣٦٠)، تفسير السَّمعاني (٦/ ١٢).
(٥) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٣٢) ,فيه بلفظ " في الهواء طيور ... إذا طارت في الهواء تبيض على أذنابهن
وأجنحتهن ".
(٦) في (أ) " يستقل ".
(٧) انظر: جامع البيان (٢٩/ ٩)، تفسير السَّمعاني (٦/ ١٢)، تفسير البغوي (٨/ ١٧٩).
(٨) في (أ) " إلى الطريق ".
(٩) انظر: جامع البيان (٢٩/ ٩)، النُّكت والعُيون (٦/ ٥٦)، المحرر الوجيز (٥/ ٣٤٢).
(١٠) انظر: سورة الفرقان، آية (٣٤).
(١١) وقيل: هذا مثلٌ عامُّ في كلِّ مؤمن وكافر. [انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٥٦)، تفسير السَّمعاني (٦/ ١٣)]، ولم أقف على من ذكر ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(١٢) انظر: الكَشَّاف (٣/ ٢٠١)، تفسير البيضاوي (١/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>