للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {تَزْرَعُونَ} أي (١): تحرثون، والزرع من الخلق حرث ومن الله إنبات.

{فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} كي لا يأكله السوس.

وفي مصحف ابن مسعود رضي الله عنه: (فذروه في سنبله هو أبقى له) (٢).

{إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧)} في تلك السنين لغذائكم.

يجوز أن يكون عبر الرؤيا فقال: البقرات السمان هي السنون المخصبة والسنابل الخضر زكاء الزرع، ثم أمرهم بما هو الصواب نصيحة لهم لكونه نبياً فقال: {فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ويجوز أن يكون: {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} في معنى الأمر أيضاً، كأنه قال: ازرعوا سبع سنين على العادة فما حصدتم فذروه في سنبله هو أبقى له إلا قليلاً مما تأكلون، والله أعلم.

{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨)} السبع الشداد: البقرات العجاف، والسنابل اليابسات يأكلن ما قدمتم لهن، يريد: تأكلون فيها، فأسند الفعل إلى الظرف، كقولهم: ليله قائم ونهاره صائم، وقد سبق (٣).

وقوله: {مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} أي: في السنين المخصبة، {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨)} تدخرون استظهاراً وعدة لبذور الزراعة.

{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ} أي: السنة (٤) الثامنة.

{فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} أي: يمطرون من الغيث.

تقول العرب: غثنا ما شئنا (٥)، وقيل: هو من الغوث، تقول: استغاث فأغاثه، أي: يغيثهم الله من القحط والجوع.

{وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)} أي: تكثر الثمار والأعناب والسمسم والزيتون فيعصرونها ويتخذون الأدهان والأشربة.

ابن عباس: يحلبون المواشي من كثرة المراعي (٦).

أبو عبيده: {يَعْصِرُونَ (٤٩)}: ينجون، من قولهم: هو عصرة المنجود (٧)، قال (٨):

صادِياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ ... ولقد كان عُصْرَة المنجودِ

أي: المكروب.


(١) سقطت (أي) من (أ).
(٢) أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: في بعض القراءة الأولى: (هو أبقى له لا يؤكلُ).
انظر: «الدر المنثور» للسيوطي ٨/ ٢٦٧. وقد أشار الكرماني لقراءة ابن مسعود في كتابه الآخر «غرائب التفسير» ١/ ٥٣٩.
(٣) انظر: سورة يونس، الآية: (٧): (والنهار مبصراً).
(٤) في (أ): (أي في السنة الثامنة).
(٥) انظر: «الفريد» للمنتجب الهمداني ٣/ ٥٩٨.
(٦) أخرجه سعيد بن منصور (١١٢٧ - التفسير)، والطبري ١٣/ ١٩٥ - ١٩٦، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٥٥.
(٧) انظر: «مجاز القرآن» لأبي عبيدة ١/ ٣١٣.
(٨) القائل هو: أبو زُبَيدٍ الطائي، كما ذكر الطبري ١٣/ ١٩٧.

<<  <   >  >>