للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: جوابه: لما آمنوا، كقوله {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} الآية [الأنعام: ١١١].

وقيل: جوابه: ما يدل عليه قوله {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: ٣٠]، أي: وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآناً سيرت به الجبال.

وقيل: هذا تفخيم للقرآن وأنه ليس في كتب الله ما يجمع من الحكم والدلائل والشواهد والبينات (١) ما يجمعه القرآن ولو سيرت (٢) جبال بقراءة كتاب لكان هذا القرآن.

{بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} أي: هذا وأمثاله يفعله الله القادر الذي له كل الأمر.

وقيل: بل لله الأمر جميعاً وليس لأحد أن يقترح عليه آية.

{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} اليأس: ضد الطمع، وفيه لغتان سبق بيانهما (٣).

واختلفوا في الآية: فذهب أكثرهم إلى أنه بمعنى العلم، وأنشد (٤):

أَلَم ييئس الأقوامُ أني أنا ابنُهُ ... وإنْ كنتُ عن أرض العشيرةِ نائيا

يريد: ألم يعلم، وهي لغة نَخَع، وقيل: لغة هوازن.

المبرد: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} علماً منهم {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} (٥).

وقيل: أفلم يعلم الذين آمنوا علماً يئسوا معه من أن يكون غير ما علموا.

وقيل: أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم (٦) أنهم لا يؤمنون، لأنه قد قال: {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}، فيكون ييأس على أصله.

وقرأ ابن عباس (٧): (أفلم يتبين للذين آمنوا)، أي (٨): أفلم يعلموا, وقريء:


(١) في (ب): (من الحكم والشواهد والدلائل والبيان ... ).
(٢) في (ب): (ولو أن قرآناً سيرت ... ).
(٣) سبق في أثناء تفسير سورة يوسف، الآية (٨٠).
(٤) نسبه الماوردي ٣/ ١١٣، والقرطبي ١٢/ ٧٣ لرباح بن عدي، وفي سؤالات نافع بن الأزرق أن ابن عباس نسبه لمالك بن عوف، كما في «شواهد القرآن» (ص ٤٠) لأبي تراب الظاهري، الجزء الأول والذي خصصه المؤلف لشرح هذه السؤالات والتعليق عليها.
(٥) انظر: «البحر المحيط» لأبي حيان ٥/ ٣٨٣.
(٦) في (ب): (وصفهم الله أنهم ... ).
(٧) نقلها الطبري ١٣/ ٥٣٧، وابن خالويه في «القراءات الشاذة» (ص ٦٧) وغيرهم.
(٨) حصل سقط في (ب) بعد قوله (أي) وجاء النص فيها كالتالي: (أي يظهر)، وهذا بسبب الانتقال للقول التالي، والتصويب من (أ) و (د).

<<  <   >  >>