للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (ويلٌ للعالم من الجاهل) فلولا أن تعليمه وأمره ونهيه واجب عليه لازم لما جاء ذمُّهم في الآية الكريمة ولما توعده - صلى الله عليه وسلم - بالويل في السكوت عنه، لأنَّ الويل لا يكون من ترك تطوع وإنما الذَّم والوعيد لا يكون إلا على ترك واجبٍ وفريضة.

فالحق الواجب على العلماء والفقهاء، والفرض اللازم لهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعليم لأهل الجهل، والأخذ على أيديهم، ومنعهم من إظهار المنكرات، لعلهم ينجون من الويل والوعيد الذي جاء على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب والسنة، وإلا كانوا آثمين لتركهم ما وجب عليهم من الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر والنصيحة اللازمة لهم.

وإنَّما حل بهم الضعف عن القيام بما أوجب الله - عزَّ وجلَّ - عليهم من ذلك لأنهم جروا معهم في بعض أحوال أهل الجهل حتى إنك لترى من بعض أهل العلم والفقه النقص في فرائضهم: من مسابقة الإمام في الركوع والسجود الخفض والرفع وكثرة الالتفات وقلة العناية بفرائض الله - تعالى - ثم في الغيبة والوقيعة حتى صارت أكثر مجالسهم على ذلك (لا يتفقدون ذلك) من أنفسهم ولا يقومون عليها بواجب العلم.

هذا كلام أبي طالب عمر بن الربيع.

ثم قال: ولم أقصد الكلام للاستنقاص بهم وإنما أردت تأكيد الحجة عليهم، وأداء واجب النصيحة لهم، لقوله - عزَّ وجلَّ -: {وذكِّر فإنَّ الذِّكرى تنفع المؤمنين}.

ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدِّين النَّصيحة).

فوجبت هذه النصيحة من الصَّغير للكبير ومن الكبير للصَّغير، ولا ينبغي لأحد أن يتكبر عند قبول الحق من الصغير والكبير والجاهل والعالم. انتهى.

والمقصود أن الأدلة قد تطابقت على وجوب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر من الكتاب والسنَّة وإجماع الأمَّة، إذ هو من النَّصيحة التي هي الدِّين - كما سيأتي بيانه - ولم

<<  <   >  >>