وقالوا: لا إنكار إلاّ في الخمر والخنزير وما يقع حرامًا، ولكن لا شبهة عندنا أن الاجتهاد يؤثر في حق المجتهد).
ثم قال - في مكان آخر -: (فالعامي - ينبغي له أن لا ينكر إلاّ في الجليان المعلومة كشرب الخمر والزنا وترك الصلاة. فأما من يعلم كونه معصية بالإضافة إلى ما يطيف به من الأفعال ويفتقر فيه إلى اجتهاد. فالعامي إن خاض فيه كان ما يفسده. كثر مما يصلحه. وعن هذا يتأكد ظن من لا يثبت ولاية الأمر والنهي إلاّ بتعيين الإمام، إذ ربما يبتدر لها من ليس أهلًا لها، لقصور معرفته أو قصور ديانته فيؤدي إلى وجه من الخلل.
وقال صاحب المحرر مجد الدين بن عبد السلام بن تيمية وغيره بعد إيراد حديث عائشة- رضي الله عنها-: أن أناسًا يأتوننا باللحم لا ندري أسموا عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوا.
قالوا: وهو دليل على أن التصرفات والأفعال تحمل على الصحة والسلامة إلى أن يقوم دليل الفساد. والله أعلم.
[فصل - (١٩): ضروب الموجب للإنكار]
والموجب للإنكار على ضروب. منه ما يوجب النهي عنه باللسان، فإن انتهى وإلاّ وجب على المسلمين منعه بالضرب والقتال حتى يترك أو يقتل نحو اغتصاب الأموال ومد الأيدي إلى الحرام أو إلى النفس. فيجب أن ينكر عليه باليد واللسان فإن انتهى وإلاّ وجبت محاربته وان أتى ذلك على نفسه، وان استمكنوا منه أو أهوّه لم يجز قتله.
ومن المنكر ما يكون إنكاره بالحبس وذلك مثل منع الناس حقوقهم. من دين وما أشبهه، فإذا وعظ فلم يقبل وجب على الحاكم أن يحبسه. وأما ما يكون المرء فيه ظالمًا لنفسه، كإفساد ماله، وترك الصلوات، أو إفطاره في شهر رمضان، أو تضييع الفرائض التي يكون فاسقًا بتركها، فعلى المسلمين أن ينكروا عليه باللسان، فإن رجح وإلاّ كان على الإمام أو أمرائه أن ينكروا عليه بالضرب والحبس حتى يموت.