والبشر ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة، فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق وصارت لها عادة، أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه.
والثاني: أن يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك وجاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به، فإن الغضب إذا ملك ابن آدم كان كالآمر الناهي له، ولهذا المعنى قال الله عز وجل:{ولما سكت عن موسى الغضب ... }.
فإذا لم يمسك الإنسان ما يأمره به غضبه، وجاهد نفسه على ذلك اندفع عنه شر الغضب وربما يمكن غضبه ويذهب عاجلًا فكأنه -حينئذ- لم يغضب.
قال ابن رجب: وإلى هذا وقعت الإشارة إليه في القرآن (في) قوله -تعالى:{وإذا ما غضبوا هم يغفرون}.
وقوله:{ ... والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
وكظم الغيظ رده في الجوف. يقال: كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه. والغيظ أصل الغضب وهو نتيجته وكثيرًا ما يتلازمان لكن الفرق بينهما أن الغيظ لا يظهر على الجوارح بخلاف الغضب فإنه يظهر من باطن الإنسان إلى ظاهره والله أعلم.
[فصل (٥): فضيلة كظم الغيظ]
وقد جاء في كظم الغيظ والثبات عند الغضب أحاديث من أمثلتها. ما ثبت في الصحيحين ومسند أحمد، والموطأ من حديث أبي هريرة مرفوعًا:"ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".