يقول الله -تبارك وتعالى- يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له أن يكذبني، أما شتمه فيقول: إن لي ولدًا.
وفي رواية قال: قال الله عز وجل: (كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني وشتمني ولم يكن له أن يشتمني أما تكذيبه لي فقوله لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادتهن واما شتمه إياي، فقوله اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد).
وروى نحوه البخاري من حديث ابن عباس بلفظ: (كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فزعم أن لا أقدر أعيده كما كان وأما شتمه أياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا" فمن أسمائه - سبحانه- الصبور.
وروي أن الله أوحى إلى داود -عليه السلام- تخلق بأخلاقي، وإن من أخلاقي أني أنا الصبور.
فصل (٤٠): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم
وأما صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد صبر على مقاساة قريش وأذى الجاهلية، ومصابرته الشدائد الصعبة معهم إلى أن أظفره الله عليهم، ونصره عليهم، وحكمه فيهم فما زاد على أن عفا وصفح وقال "ما تقولون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم، فقال أقول كما قال أخي يوسف:{لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم} إذهبوا فأنتم الطلقاء. وكل صابر قد عرفت عنه زلة وحفظت عنه هفوة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يزيد مع الأذى إلا صبرًا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلمًا، لأن الله تعالى خصه بمناقب عديدة، ومنحه بكرائم الكرائم وأعلى - في الدارين - مقاله ومقامه، وكمل فيه جميع المحاسن وأفاض عليه من