رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ قالوا: ومن أبو ضمضم يا رسول الله؟ قال: كان إذا أصبح قال: اللهم إني وهبت نفسي وعرضي لك، فلا يشتم من شتمه ولا يظلم من ظلمه، ولا يضرب من ضربه).
ورواه غيره بلفظ:(اللهم إنه لا مال لي فأتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني أو قذفني فهو في حل) فقال النبي: من يستطع منكم أن يكون كأبي ضمضم؟ قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأن العفو عن أرباب الهفوات بإقالة العثرات والحلم على مقترفي الزلات، والصفح عن ذوي الهيئات واصطناع المعروف، وإغاثة المضطر الملهوف من محاسن الشيم، وأشرف خلال الكرم.
[فصل (١٧): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي]
ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، الأناة والتؤدة والتثبت. والأناة الصفح والحلم والوقار. قال الله تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ... }.
قرأ حمزة والكسائي:(فتثبتوا) من التثبت.
وقال تعالى:{خلق الإنسان من عجلٍ}، وقال- تعالى-: { .. وكان الإنسان عجولًا} وقال- تعالى-: {فستعلمون من أصحاب الصراط السّوي ومن اهتدى ... }.
وقال تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهلةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.
وقرأ حمزة والكسائي: فتثبتوا- كقراءتهما آية النساء المتقدمة قريبًا. و (الفاسق) الكذاب، (أن تصيبوا): أي لئلا تصيبوا قومًا (بجهالة) أي بخطأ. {فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} أي على عجلة، وترك التأني.