وفي جامع الترمذي من حديث سهل بن سعيد الساعدي- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأناة من الله والعجلة من الشيطان).
وقال: حديث حسن غريب- وروى نحوه أبو يعلى الموصلي من حديث أنس مرفوعًا. بلفظ: التأني من الله والعجلة من الشيطان.
فالأناة بفتح الهمزة وبالتاء: التي تكتب هاء وبالقصر- التثبت في الأمور والسكون وترك العجلة والتأني والمكث والإبطاء وهي محمودة (والعجلة) وهي التقدم فيما لا ينبغي التقدم فيه، وهي مذمومة، والسرعة محمودة وهي التقدم فيما ينبغي التقدم فيه والأناة والتؤدة، والتثبت خلق متوسط، لأن النفس إذا انحرفت عن ذلك انحرفت إما عجلة وطيش، وإما إلى تفريط وإضاعة. والفرق بين المبادرة والعجلة أن البادرة هي الإسراع في أمر هو حق الله عز وجل ويخاف عليه الفوت. فالعبد محمود في الإسراع فيه أما العجلة بالإسراع في أمر على قضاء الشهوة والتهمة وإدراك المنية، لا لله- تعالى- ولا لوجهه. فتلك العجلة من الشيطان.
كما قيل:
وإذا هممت بأمر سوء فاتئد ... وإذا هممت بأمر خير فأسرع
والمقصود أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون بعد البصيرة والمعرفة، والبصيرة تحتاج إلى تأمل ومهلة، والعجلة تمنع من ذلك.
قال الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام: الأفعال ضربان:
أحدهما: ما خفي عنا مصلحته، فلا تقدم عليه حتى تظهر مصلحته المجردة عن المفسدة أو الراجحة عليها. وهذا الذي جاءت الشريعة بمدح الأناة فيه إلى أن يظهر رشده وصلاحه.
الضرب الثاني: ما ظهرت لنا مصلحته، وله حالان:
أحدهما: أن لا تعارض مصلحته مفسدته ولا مصلحة أخرى، فالأولى تعجيله، والثانية أن تعارض مصلحته مصلحة هي أرجح منه مع الخلو عند المفسدة، فيؤخر عند رجاء