ومنها: أن يتوضأ، لما روى الإمام أحمد، وأبو داود من حديث أبي وائل عبدالله بن بحير الصنعائي قال: كنا جلوسًا عند عروة بن محمد السعدي إذا دخل عليه رجل فكلمه بكلام أغضبه، فلما أن غضب قام ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال: حدثني أبي عن جدي "عطية" وكان له صحبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما يطفئ النار الماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ).
وروى أبو نعيم -في الحلية- بسنده عن أبي مسلم الخولاني. أنه كلم معاوية -رضي الله عنه- بشيء وهو على المنبر، فغضب، ثم نزل واغتسل، ثم عاد إلى المنبر وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:(إن الغضب من الشيطان، والشيطان من النار والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل) وأمره - صلى الله عليه وسلم - بالسكوت والجلوس والاضطجاع والوضوء وغير ذلك يدل على أنه مكلف في حال غضبه بذلك، والله أعلم.
[فصل (٧): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله]
فجميع ما تقدم من ذم الغضب لمجرد هوى النفس لانتهاك حرمات هوى النفس لانتهاك حرمات الله -تعالى- وكما نستحب كتم الغيظ والعفو إذا انتهكت حرمة الإنسان، فكذلك يستحب الغضب إذا انتهكت حرمات الله -عز وجل- قال الله -تعالى:{قتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ لوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ... }.
وقال تعالى:{ ... ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ... }.
وقال تعالى:{يأيها النبي جهد الكفار والمنفقين واغلظ عليهم .. }.
فالله تعالى يغضب كما شاهد به الكتاب والسنة لا سيما على من لم يغضب له، فإن المرء إذا رأى منكرًا ولم يغضب لله ولم يغيه، غضب الله عليه وإذا لم يتمعر وجهه لحقه الإثم كما سبق في غير ما حديث.