وقلة مبالاتهم بسطواتهم، إيثارًا لإقامة حق الله - سبحانه - على بقائهم، واختيارهم لإعزاز الشرع على حفظ مهجهم، واستسلامًا للشهادة إن حصلت لهم، واتكالًا على فضل الله - تعالى - أن يحميهم، لأنه - تعالى -: يحفظ أولياءه، ولا يسلمهم إلى أعدائهم، بل يؤيدهم وينصرهم بنصرهم له ويأخذ بثأرهم وبأيدهم فما لعدوهم من قوة ولا ناصر.
وقد روى أبو عبدالله البخاري، وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من (عادى) لي وليًّا فقد آذنته بالحرب .. الحديث.
يعني أن الله يأخذ بثأر أوليائه، ويغضب لهم، وينصرهم، ويجعل الغلبة لهم.
{الذين خرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيرا وبينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.
وسيأتي (فصل) في ذكر بعض من بذل نفسه، وأمر الخلفاء والملوك بالمعروف ونهاهم عن المنكر، وذكر بعض من نيل بضرب في ذلك، ومن قتل فيه أو بسببه - في الباب العاشر - والله هو الكريم الغافر.
[فصل - (١٠): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة]
وإذا قلنا بالإنكار على السلطان ونحوه من الأثمة، وولاة الأمور فيكون - حينئذٍ - بالمرتبتين الأولين السابق ذكرهما - في أوائل هذا الباب وهما التعريف، والوعظ بالكلام اللطيف ويذكر له العاقبة في الدنيا والآخرة فيجب ذلك، لقوله - تعالى - خطابًا لنبيه موسى، وهارون - حين أرسلهما إلى عدوه فرعون -: {فقولا له قولا لينا}
أي كنياه. وقيل: القول اللين هو الذي لا خشونة فيه.
فإذا كان موسى أمر أن يقول لفرعون قولًا لينًا فمن دونه أحرى بأن يقتدي بذلك في خطابه وأمره بالمعروف في كلامه.