للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن امرؤ ويصبح سالمًا ... من الناس إلا ما جنى لسعيد

ولبعضهم:

إنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسانًا وإجمال

قيل للحسن البصري: يا أبا سعيد، إن قومًا يحضرون مجلسك ويحفظون عليك سقطات كلامك، ليعيبونك بذلك؟ فقال: يا ابن أخي، لا يكن في ذلك عليك شيء، فإني طمعت نفسي في دخول الجنة ومجاورة الرحمن - سبحانه- ومرافقة الأنبياء- عليهم السلام - ولم أطمعها في السلامة من الناس، لأني قد علمت أن خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم لم يسلم منهم. رواه أبو نعيم.

وروى أن موسى- عليه السلام- قال: يا رب احبس عني ألسنة الناس. فقال هذا شيء لم أصطفه لنفسي فكيف أفعله بك؟

وقال ابن عبد البر: قال منصور (شعرًا):

لي حلة فيمن ينم بي ... وليس في الكذاب حيلة

(من) يخلق ما يقول ... فحيلتي فيه قليلة

وقال عيسى- عليه السلام -: (لا يحزنك) قول الناس فيك، فإن كان كذبًا كان حسنة لم تعلمها، وإذ كان صدقًا كانت سيئة عجلت عقوبتها.

[فصل (٦): ذل المؤمن لغربته بين الفساق]

وإنما عظم ذل المؤمن في آخر الزمان لكثرة الفسق وغربته بين أهله فكلهم يكرهه ويؤذيه، لمخالفة طريقه لطريقهم ومباينته لهم فيما هم عليه لا سيما إن أمرهم بمعروف أو نهاهم عن منكر. كما قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه-: (يآتي على الناس زمان تكون فيه جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم وينهاهم. وقال كعب الأحبار، لأبي مسلم الخولاني: كيف منزلتك من قومك؟ قال حسنة. قال: إن التوراة لتقول غير ذلك. قال: ما تقول؟ قال: إن الرجل إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ساءت منزلته (عند)

<<  <   >  >>