وذكر رواية "الأثرم" وقول "أحمد" في رواية محمد بن حبيب وقد سئل عن الرجل لا يكلم الرجل أيجزيه السلام من لاصرم؟ فقال: أتخوف من أجل أنهما يصد أحدهما عن صاحبه، وقد كانا متئانسين يلقى أحدهما صاحبه بالبشر إلا أن يتخوف منه نفاقًا.
قال: وإنما لم يجعله "أحمد" خارجًا من الهجرة بمجرد السلام حتى يعود إلى عادته معه في الاجتماع والمؤانسة، لأن الهجرة لا تزول إلا بعوده إلى عادته معه. انتهى.
قال أبو عبد الله بن مفلح وقول أحمد في الذي تشتمه ابنة عمه إذا لقيتها سلم عليها اقطع المصادقة ظاهرة أن السلام يقطعها مطلقًا وظاهر قول أصحابنا أن الهجر المحرم لا يزول بغير ذلك. ونص عليه الشافعي، رواه البيهقي عنه ويتوجه على قول من جعل من أصحابنا الكتابة والمراسلة كلامًا أن يزول الهجر المحرم لها ثم وجدت ابن عقيل ذكره وللشافعي وجهان. قال النووي وأصحهما يزول لزوال الوحشة انتهى.
[فصل (٣٥): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية]
ومما يتعلق بما نحن فيه: الحب في الله لأهل الطاعة، والبغض فيه لأهل المعصية.
وفي مسند أحمد، وسنن أبي داود من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(أتدرون أي الأعمال إلى الله -تعالى-) قال قائل الصلاة والزكاة. قال قائل: الجهاد. قال (أحب الأعمال إلى الله -عز وجل- الحب في الله والبغض في الله).
وفي مسند أحمد -أيضاً- وسنن البيهقي من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أي عرى الإسلام أوثق؟ ) قالوا: الصلاة. قال: حسنة، وما هي بها؟ قالوا: الزكاة. قال: حسنة، وما هي بها؟ قالوا: صيام رمضان. قال: حسن وما هو به؟ قالوا: الحج. قال: حسنة. وما هو به؟ قال: أوثق عرى الإسلام أن تحب في الله، وأن تبغض في الله).