للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل (٣٠): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا فعلى المؤمن أن يعادي في الله وأن يوالي في الله

قال أبو العباس تقي الدين بن تيمية: الهجر من باب العقوبات المشروعة فهو من جنس الجهاد في سبيل الله وهذا يفعل لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين لله والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله فإذا كان هناك ؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية. قال الله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتَّى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنين إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتَّقوا الله لعلكم ترحمون .. }.

فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين فما أكثر مايتلبس أحدهما بالآخرة.

فالمؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك فإن الله بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لله ولأوليائه والبغض لأعدائه والإكرام لأوليائه والإهانة لأعدائه والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه وإذا اجتمع في مؤمن خير وشر وبر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة ويستحق من الموالاة والثواب ما فيه من الخير ويستحق من العابر والمعاداة بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبان: الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطي مايكفيه لحاجته.

هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه فلم يجعلوا الناس إلا مستحقًا للثواب فقط أو مستحقًا للخلود في العقاب فقط.

وأهل السنة يقولون: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه ثم يخرجهم منها بشفاعته بمن يأذن له بالشفاعة وبفضل رحمته كما استفاضت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم وإذا عرف هذا فالهجر المشروع هو من الأعمال التي أمر الله بها ورسوله.

والطاعات لابد أن تكون خالصة لله موافقة لأمره فمن هجر لهوى نفسه أو هجر هجرًا

<<  <   >  >>