للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم وفهمًا في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والباع والضلالات، وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نغمه على قدح الجهال وأهل البدع وطعنهم فيه، وازدرائهم به، وتغير الناس وتحذيرهم منه، كما كان الكفار يفعلون مع متبوعهم وإمامهم، فإن دعاهم إلى ذلك قدح ما هم عليه من المنكر، فهناك تقوم قيامتهم، وينصبون لهم الحبائل ويجلبون عليهم بخيلهم ورجلهم، فهو غريب في دينه، لفساد أديانهم، غريب في تمسكه بالسنة، لتمسكهم بالبدع، غريب في اعتقاده، لفاد عقائدهم، غريب في طريقه، لفساد طريقهم، غريب في معاشرته لهم، لأنه لا يعاشرهم على ما تهوى انفسهم.

وبالجملة، فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد مساعدًا معينًا، فهو عالم بين قوم جهال، صاحب سنة بين أهل البدع، دع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم المنكر والمنكر المعروف.

[فصل (٥): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم]

روى أبو القاسم الطبراني وغيره من حديث أبي أمامة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لكل شيء (إقبال وإدبار) وإن من إقبال الدين ما كنتم عليه العمى والجهالة وما بعثني الله به. وإن من إقبال الدين أن تفقه القبيلة بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الفاسق والفاسقان فهما مقهوران ذليلان، إن تكلما قمعا وقهرا واضطهدا. ألا وإن من إدبار الدين أن يجفو القبيلة بأسرها حتى لا يرى فيها إلا الفقيه أو الفقيهان وهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعوانًا ولا أنصارًا). فوصف صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المؤمن العالم بالسنة الفقيه في الدين بأنه يكون في آخر الزمان عند فساده مقهورًا ذليلًا لا يجد آعوانًا ولا أنصارًا.

وروى الطبراني- أيضًا- من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل في ذكر أشراط الساعة قال: (وإن من أشراطها أن يكون المؤمن في القبيلة أذل من النقد).

<<  <   >  >>