للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل -٢٠ - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر]

وأما قوله -عزَّ وجلَّ-: {والعصر إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.

فهو قسم منه -سبحانه- بالعصر.

قيل: هو الدهر. وقيل صلاة العصر. وقيل آخر النهار. وقيل غير ذلك.

{إن الإنسان لفي خسر} أي في خسارة وهلاك.

{إلا الذين آمنوا} بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم.

{وتواصوا} أي أوصى بعضكم لبعض بالحق أي بأداء الطاعات وترك المحرمات.

{وتواصوا بالصبر} أي على المصائب وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر.

ويحتمل أن يراد به الصبر على الطاعات فيدخل فيه الصبر عن المعصية وعلى الطاعة قاله ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فأقسم الله -تعالى- أن كل إنسان في خسر إلا من جمع هذه الأربعة أوصاف).

وروى أبو بكر بن مردويه -في مسنده- عن يزيد بن خنيس (قال): دخلنا على سفيان الثوري نعوده وأومأ إلى دار العطارين فدخل عليه- سعيد بن حسان المخزومي فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدثتني، عن أم صالح، أردده عليّ فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة رملة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلام ابن آدم عليه لا له ما خلا أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر أو ذكر الله -تعالى-).

قال سفيان: وناشدته أو ما سمعت الله يقول في كتابه: {والعصر إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} فهو هذا بعينه.

وروى الحديث الترمذي، وابن ماجه ولم يذكروا قول سفيان الثوري إلى آخره والله أعلم.

<<  <   >  >>