المرجوم. وكان أرحم الناس أجمعين على الإطلاق وأرأفهم.
فالعبد المطيع لله إذا سمع بأسير من أسراء المسلمين في أرض العدو رحمه وبذلك نفسه وماله في تخليصه، فمن باب الأولى أنه إذا رأى أخاه مأسورًا في نفسه وشيطانه وهما أعداء عدوه أن يجتهد في خلاصه. واستنقاذه منها، فإن أعرض عنه وتركه وأسره كان ذلك من جهله بالله- تعالى- وبأموره.
ألا ترى إلى قوله- تعالى- في مناجاته: يا داود إن أتيتني بعبد أبق كان أحب إلي من عبادة الثقلين. يا وداد إن استنقذت هالكًا من هلكته سميتك عبدي جهيدًا.
وقد سبق- في الباب الأول- قوله صلى الله عليه وسلم:(لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النَّعم). فإذا أنقذ العبد أسيرًا من يد عدوه الأصغر كان ثوابه من الله ما ذكر في تنزيله:{ .. ومن أحياها فكأنما أحيا النَّاس جميعًا ... } فما ظنك بمن أنقذ أسير المعاصي من يد عدوه الأكبر فذلك لا يحصى ثوابه. والله أعلم.
ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر عورات المسلمين لأن ستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها سمة أهل الدين. ويكفي تنبيهًا على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل قول الله تعالى:{قول مَّعروفٌ ومغفرة .. }.
قال بعض المفسرين: أي يستر عليه خلته، ولا يهتك ستره ثم إن الله تعالى (اختاروه) في الدعاء ونزل به جبريل على سيد البشر صلى الله عليه وسلم قوله: "يا من أظهر (الجميل) وستر البيح، يا من لا يؤاخذنا بجزيرة ولا يهتك الستر".
وروى الخرائطي- في مكارم الأخلاق- بسنده، عن الضحاك في قوله تعالى:{وأسبغ عليكم نعمه ظهرة وباطنة .. }.
قال: أما الظاهرة فالإسلام والقرآن، وأما الباطنة فالستر من العورات والعيوب. والمرضيّ عند الله- تعالى- من تخلق بأخلاقه- تعالى- وأنه ستار العيوب، وغفار الذنوب