فكيف لا تستر أنت على من هو مثلك أو فوقك أو دونك! !
وروى أبو الفرج المعافي ابن زكريا- بإسناده- عن الضحاك، عن ابن عباس وقد سئل عن هذه الآية. فقال: هذه مما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله ما هذه النعم؟ قال:(أما ما ظهر فالإسلام وما سواه من خلقك وما أسبغ عليك من رزقه وأما ما بطن فما ستر عليك من مساوئ عملك). يا ابن عباس، إن الله تعالى- يقول:"ثلاث جعلتهن للمؤمن: صلاة المؤمن عليه من بعد موته. وجعلت له ثلث ماله يكفر عنه من خطاياه، وسترت مساوئ عمله أن أفضحه بشيء ولو أبديتها لنبذه أهله فمن سواهم". إذا كان ستر الخالق البارئ المصور فكيف لا تستر أنت على من هو مثلك أو فوقك أو دونك ومن هو بكل حال لا عبدك ولا مخلوقك! !
ومن أعظم الأدلة على ذلك طلب الشرع لستر الفواحش، أنه أناط الزنا بشهادة أربعة من العدول، يشهدون ويفصحون من غير كتابة، حتى أن القاص لو علم بحقيقته لم يكن له أن يكشف عنه. فانظر إلى هذه المحكمة العظيمة في حسم باب الفاحشة عن عباده، ثم انظر إلى ستره- سبحانه- كيف يسبله على العصاة من خلقه.
وفي حديث النجوى الثابت في الصحيحين، ومسند أحمد، وسنن ابن ماجه من حديث عمر مرفوعًا:"إن الله يدني المؤمن فيضع على كتفه ويستره. فيقول: أتعرف ذنب كذا وكذا؟ أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: نعم يا رب حتى إذا قرَّره بذنوبه ورأى نفسه أنه هلك قال: إني ما سترتها عليك في الدنيا إلا وأنا أريد أن أغفرها لك اليوم ... الحديث. فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: "هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" الحديث.
وفي الصحيحين، وجامع الترمذي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة).