في الآية إشارة إلى (أقوام) قاموا بالله لله، لا تأخذهم لومة لائم، وقفوا على دلالات أمره، واستغرقوا أعمارهم في تحصيا رضاه، عملوا لله، ونصحوا لدين الله، ودعوا خلق الله إلى الله. فربحت تجارتهم، وما خسرت صفقتهم.
ثم قال- تعالى- بعد ذلك:{ولا تكونوا كالَّذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيمٌ} نهى سبحانه هذه الأمة أن تكون كالأمم الماضين في تفرقهم واختلافهم، وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهؤلاء أقوام أظهر- سبحانه- عليهم في الابتداء رقوم الطلب ثم وسمهم في الانتهاء بكيِّ الفرقة، فباتوا في سلك الأحباب، وأصبحوا في زمرة الأجانب. والله أعلم.
[فصل- ٢ - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية]
وأما قوله- تعالى-: {كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للنَّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.
(فقال عكرمة، ومقاتل: نزلت في ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة.
وذلك أن مالك بن الصيف، ووهب بن يهوذا اليهوديين.
قالا: نحن أفضل منكم، وديننا خير مما تدعونا إليه فأنزل الله هذه الآية).
[وقال ابن عباس: هم الذين هاجروا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقال الضحاك: هم أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- خاصة الرواة الدعاة، الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم.
وقال الحسن البصري، ومجاهد، وجماعةٌ: الخطاب لجميع الأمة بأنهم خير الأمم- ويؤيد ذلك كونهم شهداء على الناس. وقوله- صلى الله عليه وسلم-: (نحن الآخرون السابقون ..... ) الحديث].