للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سفر له فإذا جماعة على طريق فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: أسد قطع الطريق. قال: فنزل فمشي إليه حتى بعده ونحاه علي الطريق، ثم قال: ما كذب علك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما يسلط علي ابن آدم من لم يخف الله قال: أن ابن آدم لم يخف غير الله لم يسلط الله عليه غيره.

وروي عن محمد بن صالح. قال: (كنت عند حماد بن سلمة وليس في البيت إلا حصير هو جالس عليها، ومصحف يقرأ فيه، ومطهره يتوضأ منها فبينما أنا عنده إذ دق الباب، فإذا هو محمد بن سليمان، فإذا له فدخل وجلس بين يديه. ثم قال: ما لي إذا رأيتك امتلأت منك رعبًا؟ قال: لأنه- عليه الصلاة والسلام- قال: (إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء، وإن أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء).

ثم عرض عليه أربعين درهمًا. قال: تأخذها وتستعين بها قال: ارددها إلي من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيتك إلا مما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها. قال: فتأخذها فتقسمها. قال: لعلي إن عدلت في قسمتها. أن يقول بعض من لم يرزق منها أنه لم يعدل في قسمها فيأثم فازوها عني).

وأما إذا كان غرض الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر العلو في الناس بإقامة رياسته، ليعظموه أو يبذلوا له ما يريد من الأموال، انعكس عليه مقصوده وتعسرت الأسباب دونه، قلت بركته، وتناقصت هيبته في الدنيا ولم يكن له في الآخرة من نصيب.

قال الله - تعالي -: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا .. }.

أي لا يريدون رفعة وتكبرًا علي المؤمنين ولا يجزعون من ذل الدنيا ولا يتنافسون في عزها.

[فصل (٢): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق]

ومما يستجيب للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عالمًا ورعًا حسن الخلق.

<<  <   >  >>