غير مأمور به كان خارجًا عن هذا وما أكثر ما تفعل النفوس ما تهواه ظانة أنها تفعله طاعة لله. قال ابن أبي جمرة: من قيل فيه شيء يكون قذفًا في حقه فذلك يوجب هجره وإن لم يتحقق عليه ما قيل ولا يجوز هجره بالكلية وإنما ينقص له من العادة التي كان يعامل بها بحسب ما كان الواقع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقع الكلام في "عائشة" ورميت بالإفك لم يبق لها ما عهدت من اللطف ولم يهجرها أيضًا -بالكلية.
ثم قال: وفي الحديث دليل على أن من وقع ذلك به لا يتكلم كلامًا يستدعي الجواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسألها عن حالها لأن ذلك يستدعي الجواب فإذا وقع منها الجواب والمراجعة في الكلام كان ذلك موجبًا للطف فزال إذ ذاك ما أريد من الهجر.
[فصل (٣١): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله]
ولا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الحق لله تعالى فأما إذا كان الحق للآدمي كالقذف والسب والغيبة وأخذ ماله غصبًا ونحو ذلك فإن كان الفاعل لذلك من أقاربه وأرحامه لم يجز هجره.
وإن كان غيره فهل يجوز أم لا؟ على روايتين عن الإمام أحمد قال في رواية أبي بكر أحمد المروزي وقد سأله رجل فقال: إن رجًلا من أهل الخير قد تركت كلامه لأنه قذف مستورًا بما ليس فيه ولي قرابة يسكرون.
فقال: اذهب إلى ذلك الرجل حتى تكلمه ودع هؤلاء الذين يسكرون.
فهذا من أحمد يدل على فعل ذلك في حق الشارب مع كونه قرابة له.
وحضر زنديق مجلس الإمام أحمد رحمه الله فقال له إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: