وهذه الفوائد مرجعها إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن ينبغي أن يزن الإنسان ثواب هذه الفوائد بإقامتها فعند ذلك قد تترجح العزلة وقد تترجح المخالطة كما ذكر الغزالي وغيره. والله أعلم.
ولو لم يكن من فوائد المخالطة سوى التماس بركة المسلمين لكان ذلك كافيًا).
وقد روي الطبراني، وغيره من حديث ابن عمر أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضوء من - جر - جديد مخمر أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يتطهر منها الناس؟ فقال:(بل من هذه المطاهر التماسًا لبركة أيدي المسلمين).
قال أبو الفرج بن الجوزي - رحمه الله -: (من قدر على نفع المسلمين بماله أو بدنه لقضاء حوائجهم مع القيام بحدود الشرع - فإنه أفضل من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بالنوافل والأعمال البدنية، وإن كان ممن انفتح له طريق عبادة القلب بدوام ذكر أو فكر فذلك الذي لا يعدل به البتة). انتهى.
فصل - ٣٤ - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره
ومن تيقن أن في السوق منكرًا يجري على الدوام أو في وقت بعينه وهو قادر على إزالته وتغييره، فلا يجوز له أن يسقط ذلك عن نفسه، بالقعود في البيت، بل يلزمه الخروج فإن كان لا يقدر على تغيير البعض. وهو محترز عن مشاهدته، ويقدر على البعض لزمه الخروج لأن خروجه إذا كان لأجل تغيير ما يقدر عليه فلا يضره مشاهدة ما لا يقدر على تغييره وإنما يمنع الحضور لمشاهدة المنكر من غير غرض صحيح فحق على كل مسلم أن يبدأ بنفسه ليصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات، ثم يعلم ذلك أهله وأقاربه ثم يتعدى - بعد الفراغ منهم - إلى جيرانه، ثم أهله وأقاربه، ثم إلى السواد ثم إلى البوادي فإن قام به الأدنى سقط عن الأبعد.