للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل - (٥): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة]

فإن قيل: من أمر السلطان الجائر بالمعروف، ونهاه عن المنكر. أو قال عنده كلمة حق لاسيما في زماننا هذا - فقد عرض نفسه للتهلكة؟ قيل: (لا خلاف أن المسلم يجوز له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل إذا كان فيه قوة وإن علم أنه يقتل).

قال أبو العباس ابن تيمية: نص الأئمة الأربعة على ذلك ودليلهم من الكتاب والسنة.

أما الكتاب: فقوله - تعالى -} ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد {.

وقد ذكر أن سبب نزول هذه الآية: أن "صهيبا خرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلحقه المشركون وهو وحده فنشل كنانته وقال: والله لا يأتي منكم أحد إلاّ رميته، فأراد قتالهم وحده وقال: إن أحببتم أن تأخذوا (مالي) فخذوه وأنا أدلكم عليه. ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ربح البيع أبا يحيي).

قوله: (فنشل كنانته) - بنون ومثلثة - أب استخراج ما فيها من النبل. وروى الإمام أحمد - بإسناده - أن رجلاً حمل وحده على العدو فقال الناس: ألقى بنفسه إلى التهلكة. فقال عمر - رضي الله عنه -: كلا بل هذا ممن قال الله (فيهم): } ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد {وقد بين سبحانه - في كتابه العزيز - أن ما يوجبه الجبن من الفرار هو من الكبائر الموجبة النار. فقال - تعالى -} يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحرفًا لقتالٍ أو متحيزًا إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من الله ومأواه جهنم وبئس المصير {.

وأخبر أن الذين يخافون العدو خوفًا يمنعهم من الجهاد منافقون.

<<  <   >  >>