للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا قول ابن عباس ومقاتل.

ففي قوله: {واصبر على ما أصابك} تنبيه على (أن) من قام لله بحق امتحن في الله فسبيله أن يصبر لله فإن من صبر لله لم يحسَّر على الله.

وسيأتي الكلام على الصبر في آخر الباب الرابع -إن شاء الله -تعالى-.

{إن ذلك من عزم الأمور}.

قال ابن عباس: يريد من حقيقة الإيمان.

وقال مقاتل: إن ذلك الصبر على الأذى فيهما من حق الأمور التي أمر الله بها.

وقال الكلبي: إن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور.

قال الواحدي: وهذه الآية دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المكروه، إن أصابه فيهما. وفي هذا دليل على أن خوف المكروه لا ينبغي أن يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا أن يخاف مكروهًا لا يطيقه- والله أعلم.

يا أخي من ذكر الله -تعالى- حظي بالخيرات لديه ومن أمر بالمعروف قربه زلفى إليه، ومن نهى عن المنكر أقبل بالمعونة عليه، ومن صبر على ابتلائه ورضي فله البشارة، ومن سخط وجزع فيا لها من خسارة.

[فصل -١٩ - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه]

وأما قوله -عزَّ وجلَّ-: {ومنهم أميُّون لا يعلمون الكتاب إلَّا أمانيَّ} قيل هو إشارة إلى امتثال ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه، أي جاهدوا أنفسكم في طاعة الله وردوها عن الهوى، وجاهدوا الشيطان في وسوسته، والكافرين في كفرهم، والظلمة في رد ظلمهم، وأهل المعاصي والمنكرات في ترك ما هم عليه.

وقوله: {هو اجتباكم} أي اختاركم للذب عن دينه والتزام أمره، واجتناب نهيه لأن العبد كلما كان إلى الله أقرب كان جهاده فيه أعظم وهذا تأكيد لأمر المجاهدة أي وجب عليكم أن تجاهدوا، لأنه -سبحانه- اختاركم لذلك بفضله وحسن توفيقه. والله أعلم.

<<  <   >  >>