للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصرة: لا أفعل إلا أن تجعلي لي صداقها مائة ضيعة خراب. فقالت بومة الموصل. لا اقدر على ذلك الآن ولكن إن دام والينا- سلمه الله - تعالى- علينا سنة واحدة فعلت ذلك. فاستيقظ لها عبد الملك وجلس للمظالم وأنصف الناس بعضهم من بعض.

وذكر الإمام أبو عمرو بن عبد البر- في بهجة المجالس عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه - قال: (لا يصلح هذا الأمر إلاّ بشدة في غير عنف، ولين في غير ضعف). والسلطان إذا دخل على العبد زائرًا فجوابه السلام لا بد منه والقيام والاحترام، مقابلة له على مجيئه إليه وإكرامه، فإنه بإكرام العلم والدين مستحق للحمد كما أنه بالظلم مستحق للذم. فإنّ قدر أن لا يقوم له، إعزازًا للدين واحتقارًا للظلم، وغضبًا لله من سوء فعله فهو أولى. ولا ينظر إلى وجهه إلا بنية الإنكار. كما قال سفيان الثوري: (النظر إلى وجه الظالم خطيئة).

فلا تنظروا إلى الأئمة المضلين إلاّ بالإنكار عليهم، لئلا يحبط أعمالكم. هذا إذا دخل عليه وحده، فأما إن دخل مع حشمه وأرباب دولته فلا بأس بالقيام، ولا يعلمه بالظلم إذا خلا به ولا الخمر ولا يغير ذلك إلاّ إذا خلا به، وعرف أنه ينتفع بأمره فيخوفه من ركوب المعاصي مطلقًا ويرشده إلى العدل في الرعية والإحسان إليهم. كل ذلك بلطف فيما بينه وبينه-كما تقدم- والله أعلم.

[فصل - (١٢): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف]

إنكار الولد على الوالد بالمرتبة الأولى وهر التعريف ثم بالثانية وهي الوعظ والنصح بالكلام اللطيف كالإنكار على السلطان ونحوه.

وقد روى ابن أبي الدنيا - بسنده - عن أبي روح سلام بن سكين الأزدي قال: سألت الحسن البصري - رحمة الله عليه - فقلت يا أبا سعيد، الرجل يأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن المنكر؟ قال: يأمرهما إن قبلا فإن كرها سكت عنهما.

وهل له الإنكار عليه بالمرتبة الثالثة وهي السب العنيف كقوله؟ ألا تخاف الله ألا تستحي من الله؟ أو بالمرتبة الرابعة وهي المنع بالقهر بطريق المباشرة .. ؟ بحيث يؤدي إلى

<<  <   >  >>