للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منزوع وغرض بلاء ومستقر آفات، محيط بها الذل، لكل فرحة منها ترحة، ولكل سرور منها غرور وقد رغب عنها السعداء، وانتزعت من أيدي الأشقياء، فكن يا أمير المؤمنين كالمداوي لجرحه، بصبره على شدة الدواء، لما يرجو من الشقاء فبكى عمر وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ومن وعظ بعضهم: رب هالك بالثناء لديه، ومغرور بالتستر عليه، ومسترجع بالإحسان إليه.

وذكر الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد، عن شبيب التميمي. قال: قال أبو جعفر عبد الله المنصور الخليفة وكنت في سمارة: يا شبيب عظني وأوجز قلت: يا أمير المؤمنين إنّ الله لم يرضى من نفسه أن يجعل فوقك أحدًا من خلقه، فلا ترضى له من نفسك أن يكون له عبد أشكر منك له. فتصدق أمير المؤمنين صدقات، وأطلق محبوسين، وفعل أشياء حسنة بعد ذلك. ورواه البيهقي-في شعب الإيمان- وغيره.

ووعظ أبو حاتم بعض الأمراء - فقال: كل ما تكره الموت من أجله فاتركه، لا يضرك متى مت.

ولما أراد أبو جعفر المنصور خراب المدينة، لإطباق أهلها على حربه مع محمد بن عبد الله بن حسن وعظه جعفر بن محمد فقال: يا أمير المؤمنين، إنه قد مضى ثلاثة أسلاف: سليمان أعطي فشكر، وأيوب ابتلي فصبر، ويوسف قدر فغفر فاقتد بأيهم شئت، وأنت من الذين يعفون ويصفحون، فطفئ غيظه وسكت).

ودخل رجل على معاوية وعنده أرباب الفضل والعلم. فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين أتيناك لا رغبة ولا رهبة، فاستهجن الحاضرون كلامه. فلم يلبث أن قال: أما الرغبة فتأتينا إلى بيوتنا، وأما الرهبة فأمناها بعد ذلك، ثم خرج فلم يبق أحد من الحاضرين إلاّ استحسن كلامه.

وفي- الباب السابع والأربعين- من كتاب سراج الملوك: أن عبد الملك بن مروان أرق ليلة فاستدعى سميرًا يحدثه فكان مما حدثه أن قال: يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة وبالبصرة بومة فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة ابنتها لابنها، فقالت بومة

<<  <   >  >>