وذكر أبو محمد عبد الحق الإشبيلي - في كتابه العاقبة عن أبي الحجاج اليماني قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول القبر للميت إذا وضع فيه: ويحك يا ابن آدم ما غرك بي؟ ألم تعلم أني بيت الفتنة، وبيت الظلمة وبيت الدود؟ ما غرك بي إذ كنت تمر بي فدادًا - فإن كان مصلحًا أجاب عنه مجيب القبر. فيقول: أرأيت إنه كان ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال: يقول القبر: أعود عليه خضرًا، ويعود جسده نورًا وتصعد روحه إلى رب العالمين.
وذكر قاسم بن أصبع. قال: قيل لأبي الحجاج: ما الفداد؟ قال الذي يقدم رجلًا ويؤخر أخرى يعني الذي يمشي متبخترًا.
وذكر أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي - في تذكرته - عن ابن وهب أنه ذكر عن أبي هريرة أنه قال: إن في الجنة حوراء يقال لها: العيناء إذا مشت مشى حولها سبعون ألف وصيف عن يمينها وعن شمالها وهي تقول: أين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وروى الخلال - بسنده عن عطاء قال: كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله ( ... ) أو (أمرًا) بمعروف، أو (نهيًا) عن منكر أو () في معيشتك مما لا بد لك منه.
[فصل - ٢٧ - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة]
أجمع العلماء على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محتجين على ذلك، بما سبق من الأمر به، وبما سيأتي من ذم تاركه في الآيات الكريمات والأحاديث الصحاح المرويات. فيجب على الفور لأن الغرض بالنهي زوال المفسدة، فلو أخر النهي عنهما لتحققت المفسدة والمعصية وكذلك كل ما وجب على الفور وجب الأمر به على الفور. لئلا تتأخر مصلحته عن الوقت الذي وجبت فيه فيمن يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.