للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيأتي في هذا الباب حديث أنس بن معاذ الجهني -رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان فقال: (أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله) قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك) ورواه أحمد في المسند. قال العلماء: معناه (ما يحب لنفسه) أي من الطاعات والمباحات. وحكى مبيناً من رواية النسائي ( .. من الخير) وظاهره يقتضي التسوية وحقيقته التفضيل، لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل الناس فإذا أحب لأخيه مثله فقط دخل في جملة المفضولين ولا يتم إيمان المرء ما لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأقل درجات الأخوة أن يعامل أخاه بمثل ما يحب أن يعامل به. وروى الإمام أحمد من حديث عائشة مرفوعًا: "أتدرون من السابقون إلى ظل الله-عز وجل- يوم القيامة؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: "الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم".

وروى الإمام أحمد -أيضاً- من حديث ابن عمر مرفوعًا: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه" والمقصود أن الإنسان إذا رأى من أخيه شيئاً يكرهه الله، وأراد وعظه وأمره ونهيه فلا يفعل ذلك وهو مسرور بإطلاعه على معصيته، لينظر إلى الواعظ بعين التعظيم، وينظر الواعظ إليه بعين الإستصغار، ويترفع عليه بدلالة الوعظ، والأمر والنهي، بل يكون قصده تخليصه من الإثم وهو حزين كما يحزن على نفسه إذا دخل عليه نقصان فإذا فعل ذلك فقد جمع بين أجر الوعظ، وأجر الغم بمعصيته، وأجر الإعانة على دينه كما تقدم -والله أعلم.

فصل (٢٢): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بل لكل مسلم أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين. قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومابطن}.

وفي الصحيحين، ومسند أحمد وجامع الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

<<  <   >  >>