للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضله أهل البصرة، وفي رواية ما عرفني غيرك.

وروى ابن أبي الدنيا بسنده عن هشام بن عروة. قال: كان أبو السواد العدوي- رحمة الله عليه- يعرض له الرجل فيشتمه فيقول له: إن كنت كما قلت فإني إذًا لرجل سوء.

وشتم رجل حكيمًا فقيل له: ألا تجيبه؟ فقال: لا أدخل في حزب الغالب فيه شر من المغلوب. وشتم رجل حكيمًا فقيل له: ألا تغضب؟ فقال: كفاه أنه يشتم ولا يشتم.

وقد روى البيهقي بسنده عن ذي النون المصري- قدس الله روحه- أنه قال: إذا غضب الرجل فلم يحلم فليس بحليم، لأن الحليم لا يعرف إلا عند الغضب.

أغضب صديقك غرة لتعرفه ... لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب

وبسنده عنه- أيضًا- أنه قال: ثلاثة من أعلام الحلم: قلة الغضب عند مخالفة الرأي، والاحتمال عند الردى أحبابًا للرب ونسيان إساءة المسيء إليه عفوًا عنه.

وبسنده، عن محمد بن جحادة قال: كان عمر الشعبي- رحمة الله عليه- من أولع الناس بهذا البيت:

ليست الأحلام في حال الرضا ... إنما الأحلام من حيث الغضب

وضرب رجل قدم بعض السلف فأوجعه ولم يغضب. فقيل له في ذلك. فقال: أقمته مقام حجر عثرت به وربحت الحلم. ثم إن الحلم لا يكون إلا عن اقتدار وعز وشرف، فإن النفس إذا انحرفت عن خلق الحلم انحرفت إما إلى الطيش والسرف والحدة والخفة، وإما إلى الذل والمهابة والحقارة والفجر. والله أعلم.

فصل (١٥): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

وفي صحيح مسلم، ومسند أحمد، وجامع الترمذي من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال وما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا، ولا تواضع عبد لله إلا رفعه الله- عز وجل-).

<<  <   >  >>