للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي: أن رجلًا أتى الأحنف فلطمه فقال: ما شأنك؟ قال: اجتعلت لي جعلًا على أن ألطم سيد بني تميم. فقال: ما أنا بسيدهم وإنما سيدهم الحارثة بن قدامة، فذهب الرجل فلطم حارثة فأخرج حارثة سكينًا فقطع يد ذلك. فقال: ما أنت قطعت يدي إنما قطعها الأحنف بن قيس.

وقيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم فقيل: وماذا بلغ من حلمه؟ قال: قال: بينا هو جالس في داره إذ جاءته خادمة له بسفود من شواء، فسقط من يدها فوقع على ابنة له فماتت، فدهشت الجارية. فقال: لا روعة عليك أنت حرة لوجه الله- تعالى-.

وروى البيهقي من شعب الإيمان- بسنده- عن الأحنف بن قيس أنه قال: تعلموا الحلم تعلمًا، ولقد تعلمته من قيس بن عاصم، أتي قيس بابنه قتيلًا، فجاء بقاتله وهو أحد بني عمه. فقال له: لقد نقصت عددك وأوهنت عزك، وقتلت ابن عمك وقد عفوت عنك وإن أمه لثكلى وقد حملت لها مائة من الإبل في مالي.

وقد اتخذ أهل التصوف- رضي الله عنهم- التحلي بعدم الانتصار لأنفسهم، لأن حظوظ النفس شين في العقلاء فستروها بالعزم على عدم الانتصار لها حتى إنه ذكر عن بعضهم أن شخصًا سبه فأعرض عنه فقال له: أنت أعني، فقال له السيد وعنك أعرض.

وشتم الربيع بن خيثم، فقال: يا هذا قد سمع الله كلامك، وإن دون الجنة عقبة إن قطعتها لم يضرني ما تقول، وإن لم أقطعها فأنا شر مما تقول.

وسب رجل لعلي بن الحسين- رضي الله عنهم- فرمى له بخميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم. فقال بعضهم: جمع فيه خمس خصال: الحلم، وإسقاط الأذى، وتخليص الرجل مما يبعده من الله، وحمله على الندم والتوبة، ورجوعه إلى المدح بعد الذم اشترى ذلك بيسير من الدنيا.

وشتم الشعبي رجل في ملأ من الناس فقال له: إن كنت كذابًا فغفر الله لك، وإن كنت صادقًا، فغفر الله لي.

وقالت امرأة لمالك بن دنيار- رحمه الله- يا مرائي. فقال: يا هذه وجدت اسمي الذي

<<  <   >  >>