على الملإ فهو توبيخ وفضيحة وما كان في السر فهو شفقة ونصيحة).
وروى الحافظ أبو نعيم - في الحلية - بسنده عن مرة بن شرحبيل. قال: سئل سلمان ابن ربيعة عن فريضة خالفها عمرو بن شرحبيل فغضب سلمان، ورفع صوته. فقال عمرو: والله لكذلك أنزلها الله - عز وجل - فأتيا أبا موسى الأشعري. فقال: القول ما قال أبو ميسرة. وقال لسلمان: ما كان ينبغي لك أن تغضب أن أرشدك رجل. وقال لعمرو: قد كان ينبغي أن تساوره ولا ترد عليه والناس مجموعون يسمعون.
قال شيخ مشايخنا عبد القادر الكيلاني - قدس الله روحه -: والأولى له أن يأمره وينهاه في خلوة، ليكون ذلك أبلغ وأمكن في الموعظة والزجر والنصيحة له، وأقرب إلى القبول والإقلاع فإن فعل ذلك ولم ينفعه أظهر - حينئٍذ - ذلك، واستعان عليه بأهل الخير، وإن لم ينفع فبأصحاب السلطان. انتهى.
(والفرق بين النصيحة والتوبيخ، الإسرار والإعلان) فإن لم يندفع المنكر بإسرار الموعظة ولم ينته صاحبه أظهر - حينئٍذ - ذلك وأذاعه وأعلنه. كما سيأتي بيانه قريبًا - إن شاء الله - تعالى-
[فصل- (٢٤): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص]
قال بعض المحققين: والذي ينبغي للآمر الناهي بالوعظ وحمل الناس على ترك الذنوب والمعاصي أن يستعمل في ذلك أربعة أنواع:
الأول: أن يذكر ما في القرآن من الآيات المخوفة للعاصين والمذنبين وكذلك ما ورد من الأحاديث والآثار وأقوال السلف من العلماء والصلحاء وغيرهم، وذلك باب واسع يضيق هذا المحل بذكره.
الثاني: أن يذكر حكايات الأنبياء والسلف وما جرى عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم فذلك شديد الوقع ظاهر النفع في قلوب الخلق. مثل: أحوال آدم في عصيانه، وما لقيه من الإخراج من الجنة، ومثل: ما عوقب به سليمان بن داود - عليهما السلام - على خطيئته وسلب ملكه أربعين يومًا. وكذلك يوسف لما قال:{ ... اذكرني عند ربك ... } قال