وإنما قيل: بقية، لن الشرائع والدول ونحوها قوتها في أولها ثم لا تزال تضعف فمن ثبت في وقت الضعف فهو بقية الصدر الأول. والمعنى: فلولا كان منهم أولو مراقبة (وخشية) من انتقام الله- تعالى-.
وقيل: أولو طاعة، ودين، وعقل، وبصر، ينهون قومهم عن الفساد والفساد- هنا- الكفر وما اقترن به من المعاصي، فبين- سبحانه- أنه أهلك جميعهم إلا قليلًا منهم كانوا ينهون عن الفساد.
وقال بعض العارفين: معنى الآية لم يكن منكم مثل هؤلاء الذين كانوا ينهون عن القبائح إلا قليل.
وقيل: لم يكن فيمن قبلكم من الأمم ممن ينهي عن الفساد إلا ذو بقية من الدين وهم الذين أطاعوا أنبياءهم.
ويحتمل فهلَّا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد.
قال الإمام أثير الدين أبو حيان- رحمه الله-: وفي ذلك تنبيه لهذه الأمة وحض لها على تغيير المنكر.
والظاهر أن الذين ظلموا هم (تاركوا) النهي عن الفساد.
و(ما أترفوا فيه) أي نعموا فيه من حب الرئاسة، والثروة وطلب أسباب العيش الهنيء ورفضوا ما فيه صلاح دينهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
[فصل- ١٦ - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي]
وأما قوله- تعالى-: {وأولئك الَّذين هدى الله فبهداهم أقتدة قل لَّا أسئلكم عليه أجرًا إن هو إلَّا ذكرى للعالمين}.
سبب نزولها: ما روى أحمد في المسند من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-