يسمعه الناس هو استحقاق بالمسلمين كما لو أظهروا ذلك، لأن أذاه يصل إلى المسلمين وهم في منازلهم، كما يصل إليهم في طرقهم، فيجب على السلطان منعهم بالهجوم عليهم، وأن يعاقبهم بما يرى من العقوبة، فإذا لم يصل المسلمون إلى السلطان أو أحد من نوابه، وجب عليهم الهجوم على أولئك، وليس لهم أن يعاقبوهم، إنما العقوبة للسلطان فإن كان ذلك في منازلهم لا يظهر للناس إلاّ بالخير فليس لهم الهجوم ولكن بالعظة. انتهى.
[فصل- (٢٩): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر]
قال القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى: اختلفت الرواية عن أحمد- رحمه الله - فيمن تجارته الخمر هل يحرق بيته أم لا؟ على روايتين الأولى يحرق، لما روى أبو عبيد الله ابن بطة- بسنده- عن صفية بنت أبي عبيد، قالت: وجد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في بيت رجل من ثقيف شرابًا، فأمر به عمر فحرق وكان يدعى "رويشدا" فقال عمر: إنك فويسق لست برويشد، وبسنده - أيضًا - عن الحارث بن عبد الله الأعور قال: شهد قوم على رجل عند علي بن أبي طالب - كرم الله وجه- أنه يصنع الخمر في بيته فيشربها، في مر بها "علي" فكسرت وحرق بيته، ونهب ماله، وجلده، ونفاه.
قال أبو عبد الله أحمد بن منصور للإمام أحمد - رحمه الله - عن رجل مسلم وجد في بيته خمر؟ قال: يراق الخمر ويؤدب، وإن كانت تجارته تحرق.
كما فعل عمر برويشد.
وقال إسحاق بن راهويه كما قال أحمد.
وقد روى يحيى بن يحيى الليثي، عن مالك - أنه قال: لا أرى أن يحرق بيت الخمَّار.
وقال: وقد أخبرني بعض أصحابنا أن مالكًا كان يستحب أن يحرق بيت المسلم الخمار، الذي يبيع الخمر.
قيل له: فالنصراني يبيع الخمر من المسلمين؟ قال: إذا تقدم اليه فلم ينته فأرى أن يحرق عليه بيته بالنار.
والرواية الأخرى عن أحمد: لا يحرق بيت من تجارته الخمر ولا يتلف، لأنها كبيرة فلا يحرق بيت فاعلها كسائر الكبائر.