ولا مقاولة، فكلما سمع أشباه ذلك نفخ فيه الشيطان، واستهواه فأضله الله وما هداه.
الطبقة السادسة: من يترك ذلك تكبرًا وعجبًا، ويقصر عن القيام به فيزداد- عن ربه- بعدًا، وحجبًأ يرى أن القيام - بذلك- يضيع من قدره، ويهضم من رتبته بين الناس وفخره. يخاف إذا قام به أن لا يقبل مقاله، فيحتقر- بذلك-عند الخلق حاله. أما علم هذا المسكين وعيد رب العالمين بقوله:{ .... أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}؟
الطبقة الثامنة: قوم من أهل الزهادة، والاجتهاد في حسن العبادة. لا يغفلون عن استصحاب الفكر ولا يفترون عن ملازمة الذكر زموا أنفسهم بالتنفلات وخطموا أبصارهم وبصائرهم عن الالتفات، لكن إذا عرض لأحدهم منكر، لم يشتغل بإزالته خوفًا أن يقطعه ذلك عن عبادته.
فلعمري كيف يرجو هذا المسكين أن يسلم، وقد دخل عليه العدو من حيث لا يدري ولا يعلم! ! فارتكب محظورًا رضي أم لم يرض لاشتغاله بالتنفل عن القيام بالغرض.
فهذه الطبقات كلها مذمومة، وبعضها شر من بعض.
وقد. سبق في أواخر الباب الأول إشارة إلى من لم ير النهي عن المنكر من الدين، والمهم الذي ابتعث الله (له) المرسلين.
والله سبحانه - الموفق للسداد الهادي إلى سبيل الرشاد.
اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالعشي والأبكار، وأسكنا معهم دار القرار، فأنت الواحد الكريم الغفار، ولا تجعلنا من المخالفين الفجار وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
[فصل (٤): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد]
وأما كون السالكين طريق الحق الآمرين به بين أهل الفساد من الغرباء المكروهين. فقد روى مسلم في صحيحه، وابن ماجه من حديث أبي حازم واسمه سليمان الأشجعي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء).