وقال الله تعالى:{ ... ولله العزة ولرسوله والمؤمنين ... }.
وأما المحسود فلا ضرر عليه في أمر دينه ودنياه، لأن النعمة لا تزول عنه بحسده بل ما قدره الله فلا حيلة في رفعه بل كل شيء عنده بمقدار. ولكل أجل كتاب. أما ما نفعه في الدين فواضح، لأنه مظلوم لا سيما إذا خرج الحسد إلى القول والفعل بالغيبة والقدح فيه وهتك سره وذكر مساوئه. وقد يكون الحسد سبب إظهار نعمة المحسود- كما تقدم- في حسد"إبليس" لآدم- عليه السلام- وأما منفعته في الدنيا فهو أن أهم أغراض الخلق إساءة الأعداء وغمهم وكونهم معذبين مغمومين ولا عذاب لهم مما الحاسد فيه، من ألم الحسد فقد فعل بنفسه ما لم يقدروا عليه أن يتسيبوا له فيه.
فإذا تأمل الحاسد هذا، علم أنه عدو نفسه وصديق عدوه، حيث تعاطي ما تضرر به في الدنيا والآخرة، وانتفع به عدوه في الدنيا والآخرة، وصار مذمومًا عند الخالق والخلق، شقيًا في الحال والمآل، ثم لم يكتف بذلك حتى توصل إلى إدخال أعظم السرور على "إبليس" وهو أعدى عدوه، لأنه لما رآه محرومًا من نعمة العلم والورع والجاه والمال الذي اختص به محسوده عنه، خاف أن يحب له ذلك فيشاركه في الثواب المحبة، لأن من أحب الخير للمسلمين كان شريكًا في الخير، ومن فاته اللحاق بدرجة الأكابر في الدين لم يفته ثوب الحب لهم. يخاف"إبليس" أن يحب ما أنعم الله به على عبده من دينه ودنياه، يفته ثوب الحب لهم. فبعضه إليه حتى لا يلحقه بحبه كما لم يلحقه بعلمه. فظهر بذلك أن الحاسد يتضرر بحسده قبل محسوده. وقد تقدم قريبًا من رواية الحاكم، عن عمر بن الخطاب موقوفًا: الحاسد أكثر مما يعمل في المحسود.
وقال أبن عقيل- في الفنون: افتقدت الأخلاق فإذا أشدها وبالًا على صاحبها الحسد.
والذي يتعين على الآمر الناهي- حينئذ- أن يعرض عن ملاحظة الناس له في المدح والذم، وعن رضاهم عنه، ويؤثر رضي الله- سبحانه- على رضاهم مع أن العبد إذا آثر رضي سيده الله كفاه مؤنة غضب الخلق، بل يرضيهم عنه. وإذا آثر رضاهم لم يكفوه لم يكفوه"مؤنة غضب الله عليهم. بل إذا غضب الله على عبد أغضب عليه عباده.
وفي جامع الترمذي وغيره من حديث عبد الوهاب بن الورد، عن رجل من أهل