للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل - (٢): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قال الإمام أبو بكر البيهقي - في الشعب-: (أخص أوصاف المؤمنين وأقواها دلالة على صحة عقيدتهم، وسلامة سريرتهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم إن ذلك ليس يليق بكل أحد، ولا يجب على كل أحد. وإنما هو من الفروض التي ينبغي أن يقوم بها سلطان المسلمين إذا كانت إقامة الحدود والتعزيز موكولاً إلى رأيه، فينصب في كل بلد وفي كل قرية رجلاً صالحًا قويًا عالمًا أمينًا ويأمره بمراعاة الأحوال) التي ترى فلا يرى ولا يسمع منكرًا إلاّ غيره ولا يبقى معروفًا محتاجًا إلى الأمر به إلا أمر به. وكلما وجب على فاسق حد أقامه ولم يعطله، فإنه لا شيء أروع للمفسدين من إقامة حدود الله عليهم، ولا يتعدى المشرع، فالذي شرعه أعلم بطريق سياستهم.

ثم قال: كل من كان من علماء المسلمين الذين يجمعون بين فضل العلم، وصلاح العمل فعليه أن يدعو إلى المعروف، ويزجر عن المنكر، بمقدار طاقته، فإن كان يطيق إبطال المنكر ودفعه وردع المتعاطي له فعله، وإن كان لا يطيق بنفسه ويطيقه بمن يستعين، عليه فعله، إلاّ ما كان طريقه طريق الحد والعقوبة، فإن ذلك إلى ولاة الأمور دون غيرهم. وإن كان لا يطيق إلاّ القول قال: وإن لم يطق إلاّ الإنكار بالقلب أنكر. والأمر بالمعروف مثل النهي عن المنكر إن اتسع العالم المصلح أن يدعو إليه ويأمر به فعل، وإن لم يقدر إلاّ على القول قال. وإن لم يقدر إلاّ على الإرادة بقلبه أراده (وتمنى) على الله - تعالى - فعله فيسعفه انتهى.

وقال بعض السلف: كل بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمام عادل لا يظلم، وعالم على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحرصون على طلب القرآن، ونساء مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى.

وروي الإمام أحمد، والطبراني - في الكبير - بإسناد حسن، عن عبد الله بن بشر - رضي الله عنهما - قال: سمعت حديثًا منذ زمان: (إذا كنت في قوم (عشرين) رجلاً أو أقل أو أكثر فتصحفت وجوههم فلم تر فيهم (رجلاً) يهاب في الله - عز وجل - فاعلم أن الأمر قد رق).

<<  <   >  >>