آدابه وسننه، فيلازم الصبر عن دواعي الفتور إلى الفراغ.
كما قال بعض السلف: وهذا من شدائد العمل: {نعم أجر العاملين الذين صبروا}
الحالة الثالثة: الصبر بعد الفراغ من العمل عن إفشائهن والتظاهر به للسمعة والرياء والنظر إليه بعين العجب وعن كل ما يبطل العمل ويحبطه.
الضرب الثاني: المعاصي فما أحوج العبد إلى الصبر عنها وقد جمع الله تعالى أنواع المعاصي في قوله: {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى}
وأشد أنواع الصبر، الصبر عن المعاصي المألوفة في العادات، فإن العادة طبيعة خامسة. فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشياطين على جند الله تعالى.
القسم الثاني: مالا يرتبط هجومه باختيار العبد له وله اختيار في دفعه كما لو أوذي بفعل أو قول، وجنى عليه في نفسه أو ماله فالصبر على ذلك بترك المكافأة تارة يكون واجباً، وتارة يكون فضيلة. فالصبر على أذى الناس من أعلى مراتب الصبر، لأن باعث الشهوة والغضب يتعاونان على باعث الدين، قال عيسى -عليه السلام- لقد قيل لكم من قبل: إن السن بالسن والأنف بالأنف وأنا أقول لكم ولا تقاوموا الشر بالشر بل من ضرب خدك الأيمن فحول إليه الخد الأيسر، ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك، ومن سخرك لتسير معه ميًلا فسر معه ميلين.
كل ذلك أمر بالصبر على الأذى.
القسم الثالث: مالا يدخل تحت الاختيار أوله وآخره، كالمصائب مثل موت الأعزة وهلاك الأموال وزوال الصحة بالمرض وفساد الأعضاء وسائر أنواع البلاء فالصبر على ذلك من أعلى مقامات الصبر. والله أعلم.
وفي الصحيحين ومسند أحمد وسنن النسائي من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل. إنه ليشرك به ويجعل له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم)
وفي صحيح البخاري، ومسند أحمد، وسنن النسائي من حديث أبي هريرة مرفوعًا