الرجل المبهم السائل هو جارية بن قدامة. وقيل: أبو الدرداء، أو عبد الله بن عمر أو سفيان بن عبد الله الثقفي.
وهذا الرجل طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه فوصاه أن لا يغضب ثم ردد هذه المسألة عليه مرارًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يردد عليه هذا الجواب.
وهذا الحديث يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.
وقد روى الإمام أحمد من حديث الزهري، عن حميد عبدالرحمن عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت يا رسول الله أوصني قال: (لا تغضب).
قال الرجل: تفكرت حين قال النبي ما قال: فإذا الغضب يجمع الشر كله.
ورواه مالك- في الموطأ عن الزهري، عن حميد مرسلًا.
(وروى أبو القاسم الطبراني -في مكارم الأخلاق- وأبو عمر بن عبدالبر -في التمهيد- بإسناد حسن، عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سأل جل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يبعدني من غضب الله؟ قال:"لا تغضب". ورواه أحمد بن حيان -في صحيحه-: وعندهما أن عبدالله بن عمرو هو السائل.
فنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الغضب لا سيما وقد ردده مرارًا دليل على دخوله تحت الوسع، وإلا لم ينه عن المحال. وعلى عظم مفسدته وما ينشأ منه. والله أعلم.
وقال جعفر بن محمد:(الغضب مفتاح كل شر. وقيل لعبد الله بن المبارك: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة).
قال: ترك الغضب.
فقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي استوصاه:(لا تغضب) يحتمل أمرين:
أحدهما أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والشجاعة والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الأذى والصفح والعفو وكظم الغيظ والطلاقة