للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو بكر المروزي: قلت لأبي عبد الله يعني الإمام أحمد: (يرى الرجل أن يشتغل بالصلاة، والصوم، ويسكت عن الكلام في أهل البدعة، فكلح في وجهي. وقال: إذا هو صام وصلَّى واعتزل الناس أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى. قال: فإذا تكلَّم كان له ولغيره؟ ويتكلم أفضل).

وقال أبو حامد الغزالي: الإنكار والنهي في البدع أهم منه في المنكرات، فينظر إلى البلدة التي فيها ظهرت تلك البدعة، فإن كانت البدعة غريبة والناس كلهم على السنة فلهم الإنكار على المبتدع بغير إذن السلطان وإن انقسم أهل البلد إلى أهل البدعة وأهل السنة وكان في الاعتراض تحريك فتنة بالمقابلة فليس للآحاد الإنكار في المذاهب إلا بنصب السلطان، فإذا رأى السلطان الرأي الحق ونصره وأذن لواحد بأن يزجر المبتدعة عن إظهار البدعة كان له ذلك وليس لغيره فإن الذي يكون بإذن السلطان لا يتقابل وما يكون من جهة الآحاد فيتقابل الأمر فيه، فينبغي أن يراعي فيها هذا التفصيل، لئلا يتقابل الأمر فيها ولئلا ينجر المنكرون إلى تحريك فتنة. انتهى.

والبدع المندوبة مثل: إحداث الربط، والمدارس، وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومثل التراويح والقصص، ومثل الكلام في دقائق التصوف، والجدل وغير ذلك إذا قصد بذلك وجه الله.

والبدع المكروهة مثل: زخرفة المساجد، وتذويق المصاحف، والبدع المباحة مثل: المصافحة عقيب الصلاة، ومثل التوسع في اللذيذ من المأكل والمشارب والملابس والمساكن ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام.

وقد يختلف في بعض ذلك فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ويجعله آخرون من السنن المفعولة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما بعده وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة وغير ذلك.

كما قال ابن عبد السلام، وغيره: (فالأمر بالبدع الواجبة واجب وبالمندوبة مستحب، والنهي عن البدع المحرمة واجب، وعن المكروهة مستحب. والله أعلم).

<<  <   >  >>