للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه طالما يتخلص خصمه من ظلمه، والمدعي مظلومًا. وإن كان الأمر بالعكس فقد نصر المدعي عليه مظلومًا، والمدعي ظالمًا.

وإن كان شاهدًا فهو محسن إلى نفسه، وإلى الخصمين بالتحمل والأداء، لأنه متسبب إلى نصر الظالم والمظلوم.

وإن كان مفتيًا فهو محسن إلى نفسه وإلى المستفتي وإلى المستفتى عليه، وإلى غير ذلك من جميع أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثم قال رحمه الله تعالى في مكان آخر: (وإن قدر على الجمع بين الأمر بمعروفين في وقت واحد لزمه ذلك، لوجوب الجمع بين المصلحتين. وإن تعذر الجمع بينهما لزمه الأمر بأفضلهما - لما ذكرناه من تقديم أفضل المصلحتين على أدناهما.

مثال: الجمع بين الأمر بمعروفين فما زاد مثل أن يرى جماعة قد تركوا الصلاة المفروضة حتى ضاق وقتها بغير عذر. فيقول لهم بكلمة واحدة: صلوا أو قوموا إلى الصلاة، فإن أمر كل واحد منهم واجب على الفور. وكذلك تعليم ما يجب تعليمه، وتفهيم ما يجب تفهيمه باختلاف رتبه وهذان قسمان:

أحدهما: وسيلة إلى ما هو مقصود في نفسه كتعريف التوحيد، وصفات الإله، فإن معرفة ذلك من أفضل المقاصد والتوسل إليه من أفضل الوسائل.

القسم الثاني: ما هو وسيلة إلى وسيلة، كتعليم أحكام الشرع، فإنه وسيلة إلى العلم بالأحكام التي هي وسيلة إلى إقامة الطاعات، التي هي وسائل إلى المثوبات والرضوان، وكلاهما من أفضل المقاصد).

(ومن قدر على الجمع بين درء أعظم الفعلين مفسدة ودرء أدناهما مفسدة جمع بينهما لما ذكرناه من وجوب الجمع بين درء المفاسد: مثل أن ينهى عن منكرين متفاوتين أو متساويين فما زاد بكلمة واحدة.

مثال المنكرين المتفاوتين: أن يرى إنسانًا يقتل رجلًا، وآخر يسلب مال إنسان فيقول لهما كفَّا عمَّا تصنعان.

ومثال المتساويين: أن يرى اثنين قد اجتمعا على قتل إنسان أو سلب ماله فيقول لهما كفا عن قتله أو سلبه. وكذلك يقول للجماعة: كفوا عما تصنعون. وإن قدر على دفع

<<  <   >  >>