قال أبو الحسن المارودي -في الأحكام السلطانية-: وأعلم أن هذا الباب- أعني الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر، قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة ولم يتبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدًا، وهو باب عظيم به قوام الدين وملاكه، وإذا أكثر الخبث عمر البلاء والعقاب الصالح والطالح. {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
وقال أبو زكريا النواوي -رحمه (الله) - ولا ينبغي أن تبارك أحدًا في حال معصيته لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة (لديه)، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقًا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، فصديق الإنسان ومحبه هو الذي يسعى في عماره آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في نقصان آخرته وإن حصل بذلك نفع في دنياه. وإنما كان "إبليس" عدو لهذا المعنى وكانت الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إلى كل خير. انتهى.
قد روى الترمذي: وأبو الشيخ بن حيان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى منه أذى فليمطه عنه).
ورواه أبو داود بلفظ:(المؤمن مرآة المؤمن).
قال العراقي: إسناده جيد.
فالمعنى، أنه يرى منه ما لا يرى من نفسه فيستفيد المرء من أخيه معرفة عيوب نفسه، فلو انفرد لم ستفد كما يستفيد بالمرآة (في) الوقوف على عيوب صورته الظاهرة. والله أعلم.
وروي البيهقي بسنده عن أبي البحتري سعيد بن فيروز قال: قال سلمان -رضي الله