الآية الكريمة. فلما تكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق قابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة فقال:{فبشرهم بعذاب أليم} أي موجع مهين.
وقال بعض العارفين: معنى الآية: أن الذين ربطناهم بالخذلان ووسعناهم بوصف الحرمان -أخبرهم بأن إعراضنا عنهم {مؤبد}، وأن حكمنا سبق بنقلهم من دار الجنان إلى دار الهوان، من الخذلان والحرمان، إلى دار العقوبة والنيران.
ثم قال:{أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ومالهم من ناصرين} يعني ليس (لهم) -اليوم- توفيق بأعمالهم، ولا غدا تحقيق لآمالهم، وإنما ذلك لأنهم فقدوا في الدارين نصرتنا، ولم يشهدوا عزتنا وقدرتنا.
وقال في آخر هذه الآيات:{فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه} أي كيف يكون حالهم وقد افتروا على الله، وكذبوا رسله، وقتلوا أنبياءه والعلماء من قومهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والله مقابلهم على ذلك كله، ومحاسبهم عليه ومجازيهم به -سبحانه- وروى علي بن سعد في -كتاب الطاعة والمعصية- من حديث الحسن البصري مرسلاً:(بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وبئس القوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وبئس القوم قوم يمشي المؤمن بينهم بالنميمة).
وقد سبق طرف منه من رواية جابر مرفوعًا.
وروى الحافظ أبو يوسف يعقوب بن أبي شيبة -في مسنده- من حديث أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أي الشهداء أكرم على الله -عز وجل-؟ قال: رجل قام إلى وال جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتله فإن لم يقتله فإن القلم لا يجري عليه بعد ذلك وإن عاش ما عاش قال: قلت: يا رسول الله فأي الناس أشد عذابًا يوم القيامة؟ قال:(رجل قتل نبيًا أو رجلاً أمر بالمعروف ونهى عن المنكر) ثم قرأ رسول -الله-: {ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم} ثم قال: (يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًا من أول