للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه - ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن ولكن ليس من السنة أن ترفع السلاح على إمامك.

وبسنده، عن أنسر بن مالك أنه قال: أمرنا أكابرنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نسب أمراءنا ولا نغشهم ولا نعصيهم وأن نتقي الله ونصبر، فإن الأمر إلى قريب.

ونص على ذلك الإمام أحمد - رحمه الله - قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق بالله أبو حفص عمر إلى أبي عبد الله يعني أحمد. وقالوا له: إن الأمر قد فشا يعنون (إظهار) القول بخلق القرآن، وغير ذلك ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك.

وقال: عليكم بالإنكار بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعته، ولا تشقوا (عصا) للمسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.

وقال -أيضًا -: ليس هذا (صوابًا) هذا خلاف الآثار.

وقال أبو بكر احمد المروزي: كان أبو عبد الله أحمد- رحمه (الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج على الأئمة إنكارًا عظيمًا.

وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - لابنه: يا بني أحفظ عني ما أوصيك به: إمام عدل خير من مطر وبل، وأسد حطوم خير من إمام ظلوم، وإمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم).

قال أبو حامل الغزالي - في الكلام على المرتبة الخامسة من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -: (أما الرعية مع السلطان فالأمر فيه أشد من الأب، فليس لهم معه إلاّ التعريف والنصح، فأما المرتبة الرابعة: وهي المنع بالقهر بطريق المباشرة ففيها نظر من حيث أن الهجوم على أخذ الأموال من خزانته وردها إلى الملاك، وعلى تحليل الخيوط من ثيابه الحرير وإراقه الخمر من بيته يفضي إلى خرق حرمته وهيبته وإسقاط حشمته، وذلك محظور ورد النهي عنه كما ورد النهي عن السكوت على المنكر فقد تعارض فيه - أيضًا - محذوران والأمر فيع موكول إلى اجتهاده منشؤه النظر في تفاحش المنكر ومقدار ما يسقط من حشمته، بسبب الهجوم عليه وذلك مما لا يكن ضبطه. انتهى.

<<  <   >  >>