أين المعترف بما جناه؟ أين المعتذر إلى مولاه؟ أين التائب من خطاياه؟ أين الآيب من سفر هواه؟ نيران الاعتراف تأكل حطب الاقتراف، مناجيق الزفرات تهدم حصون السيئات، مياه الحسرات تغسل أنجاس الخطيات. فإن طلبت النجاة دم على قرع الباب، وزاحم أهل التقى والآداب، ولا تبرح وإن لم يفتح، فرب نجاح بعد الإياس، ورب غنى بعد الإفلاس فإذا تبت من ذنوبك فاندم على عيوبك، وامح بدموعك قبيح مكتوبك.
الطبقة الرابعة: قوم أصروا على معاصيهم - استكبارًا - يقاتلون من يأمرهم بالقول السيء جهارًا كما شوهد ونسمع مرارًا مثل قول بعضهم: ممار فرعون مذكرًا! ! . أو بقي هامان في زماننا آمرًا. ثم يحمله شيطانه إلى التعدي إلى البهتان، فيقول لآمره: نسيت نفسك "لا إله إلا الله" يا فلان.
فيذكرون هذه الكلمة العظيمة في ذا المقام، وما يشعرون بما عليهم من الآثام كأ نهم - من جهلهم - لا يعلمون. صم بكم عمي فهم لا يعقلون.
يا من هو في لجة بحر الهوى يسبح ... جملك بما آنت في أقبح
ستبكي على خسرانك إذا رأيت من يربح .... أيستوي ليل وفجر قد أصبح
يا من يدعى إلى نجاته فلا يجيب، يا من قد رضي أن يخسر ويخيب إن أمرك طريف وحالك عجيب. وأنشدوا:
فقلبك قلب لا يلين لواعظ ... ذنوبك والزلات في الكتب تكتب
فلو كنت تدري نحت مع كل نائح ... وكنت على التفريط في الليل- تندب
ولكن حلم الله غرك يا فتى ... فأصبحت في الدنيا تخوض وتلعب
فمن كتب عليه العطب كيف يسلم؟ ومن عمي قلبه كيف يفهم؟ ومن أمرضه طبيبه كيف لا يسقم؟ ومن أعوج- في أصل وضعه - فبعيد أن يتقوم ومن خلق للشقاء فللشقاء يكون.
لقد نودي على المطرودين لكن لا يسمعون! ! خاب المتجهرمون بالمعاصي، وفاز {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}.
يا معرضًا عن لوم من لام، وعتب من (لحا) لقد أتعبت النصحاء الفصحاء