الهجرة وصحبني في الغار وأعتق بلالاّ من ماله. ورحم الله عمر يقول الحق ولو كان مرًا. ما ترك له الحق من صديق ورحم الله عثمان تستحيي منه الملائكة. ورحم الله علياّ اللهم أدر الحق معه حيث دار. وروي عن أبي ذر موقوفًا- رضي الله عنه- أنه قال:"ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك لي الحق صديقًا".
ولما استخلف أبو بكر عمر- رضي الله عنه- قال لمعيقيب الدوسي: ما يقول الناس في استخلاف عمر؟ قال: كرهه قوم ورضيه قوم آخرون. قال فالذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه؟ قال: الذين كرهوه أكثرهم.
قال: إن الحق يبدو كريهًا، وله تكون العاقبة.
كما روى أبو بكر بن أبي الدنيا- بإسناده- عن ابن سلامة البكري، عن رجل من مراد قال: دخلنا على أويس القرني. فقال يا أخا مراد إن قيام المؤمن بحق الله لم يبق له صديقًا، والله إنا لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر فيتخذونا أعداء، ويجدون على ذلك من الفساق أعوانا، حتى لقد رموني بالعظائم، ووالله لا يمنعن ذلك أن أقوم لله بحق.
وبسنده، عن مسعد بن كدام- رحمة الله- قال: ما نصحت أحدًا إلا طلب عيوني، فالشيطان وأعوانه يودون أن لا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر، وإذا أمرهم أحد أو نهاهم، عابوه بما فيه وبما ليس فيه. كما قيل: إن سمعوا الخير أخفوه، وإن سمعوا شرًا أذاعوا وإن لم يسمعوا (كذبوا).
ولبعضهم:
إن يسمعوا فيه طاروا به فرحًا ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به ... وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا
جهلًا علينا وجبنًا عن عدوهم ... لبئست الخلتان الجهل والجبن
إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا ... شرًا أذاعوا وإن لم يسمعوا أذنوا
لكنهم معذورون حيث قيل:
يعيب أمري أقوام وأعذرهم ... لأني أمرو وردى وهم جعل
والنهي إن كان سهلًا فهو ذو ثقل ... على عدوى، فهو السهل والجبل