للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفهم بالجهاد في سبيله-: (يجاهدون في سبيل الله في نصرة دينه من قتال الكفار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وقيل: يجاهدون بنفوسهم من حيث استدامة الطاعات وبقلوبهم بقطع المنى والطلبات وبأرواحهم بحذف العلاقات (وبأسرارهم) بالاستقامة على الشهود في دوام الأوقات.

ثم قال: {ولا يخافون لومة لائم} أي لا يردهم عما هم فيه من قتال أعداء الله وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر راد، ولا يصدنهم عنه صاد، ولا لومة لائم، ولا عذل عاذل فلا يخافون في الله لومة لائم.

أي هم صلاب في دينه لا يبالون من لام فيه. فمتى شرعوا في أمر بمعروف أو نهي عن منكر أمضوه، لا يمنعهم اعتراض معترض ولا قول قائل وهذان الوصفان أعني الجهاد والصلابة في الدين نتيجة الأوصاف السابقة من قوله: {يحبهم ويحبونه}، لأن من أحب الله لا يخشى سواه. فلا يلاحظون فيه صحبة حميم. ولا يركنون إلى ثناء حكيم وقوله: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}. إشارة إلى أن ما تقدم من الأوصاف التي تحلى بها المؤمن. فذكر سبحانه أن فضل الله يؤتيه من يشاء. أراد: ليس بسابقة بل على سبيل الإحسان منه تعالى لمن أراد الإحسان إليه. {والله واسع} الإحسان والأفضال {عليم} بمن يضع ذلك فيه من عباده ممن يحرمه إياه.

ثم قال سبحانه: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}.

(أي ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} أي المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقام الصلاة التي هي من أكبر أركان الإسلام وهي لله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة المحتاجين من الضعفاء والمساكين.

ثم قال- تعالى-: {ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} فكل من رضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين فهو مفلح ومنصور في الدنيا والآخرة).

وقال بعض العارفين: (حزب الله هم الفانون عن حظوظهم، القائمون بالحق لسيدهم ومعبودهم، فمن قام لله بصدق انخنس دونه كل مبطل، وإذا أشرقت شموس أهل الحق أدبرت ظلم المبطلين).

<<  <   >  >>