الرجل من أهل البدع أأترك كلامه؟ قال: لا. أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه فكلمه وإلا فألحقه به).
وأما مبايعة أهل البدع ومشاوراتهم فسأل المروزي أحمد -رحمه الله- فقال: أمر بقربة فيها الجهمية لا زاد معي ترى أن أطوي؟ قال: نعم ولا تشتر منها شيئًا وتوقى أن تبيعه قال: بايعته ولا أعلم؟ قال: إن قدرت أن تسترد البيع فافعل فقلت: فإن لم يكن أتصدق بالثمن؟ قال: أكرره أن أحمل الناس على هذا فتذهب أموال الناس: قلت فكيف أصنع؟ قال: لا أدري أكره أن أتكلم بشيء ولكن أقل ما هنا أن يتصدق بالربح.
قال ابن حامد: فظاهر كلام "أحمد" المنع من ذلك وإبطاله مطلقًا فمن كان منهم داعية فالبيع باطل يملك به شيئًا.
كالمرتدين سواء والإخراج على وجهين في إمامته والسلام عليه ورد سلامه.
قال ابن حامد: فدل كلام أحمد أن مراده البدعة المكفرة فالداعية إليها كالمرتد وإلا فالوجهان. وقال جماعة من السلف: إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون فذلك عقوبة لهم حتى ينتهوا. وهجر أحمد الحارث المحاسبي ع لى تصنيفه في الرد على المعتزلة وقال: وحمل الناس على التفكير فيها ثم ترد عليهم.
وهجر أبا ثور في تأويله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله خلق آدم على صورته) وذكر الغزالي عنه -أيضًا- أنه كان بينه وبين يحيى بن معين صحبة طويلة فهجره "أحمد" إذ سمعه يقول: إني لا أسألك أحدًا شيئًا ولو أعطاني الشيطان شيئًا لأكلته. حتى اعتذر يحيى وقال: كنت أمزح فقال: تمزح بالدين! أما علمت أن الأكل من الدين قدمه الله -تعالى- على العمل الصالح فقال:{كلو من الطَّيبات واعملوا صالحاً}.
فيتعين حينئذ على المرء هجر أهل البدع لاسيما الداعية وترك مخالطتهم والتردد إليهم لغير مصلحة فإن في ذلك وزراً عليه في دينه.
ولقد أحسن الإمام أبو عبد القوي -في نظمه- حيث قال:
وهجران من أبدى المعاصي سنة وقد قيل: أن يردعه أوجب وآكد