قال سبحانه:{لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حادَّ الله ورسوله}
وقال تعالى:{يا أيها الذين أمنوا لا تتَّخذوا عدوي وعدوَّكم أولياء تلقون إليهم بالمودَّة}.
القسم الثاني: المبتدع الذي يدعو إلى بدعة فإن كان يكفر بها فأمه أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة.
وإن كان ممن لا يكفر به بأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله إذا لا يدعي لنفسه الإسلام واعتقاد الحق، وإما المبتدع الذي يعو إلى بجعته أمنا أن يدعو إليه حق فهو سبب لغرابة الخلق فشره متحد بالاستحباب إظهار بغضه وعاداته والانتقاع وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد.
وإن سلم في خلوة فلا بأس برد جوابه.
وإن علمت أن الإعراض عنه والسكوت عن جوابه يقبح في نفسه بدعته ويؤثر في زجره فترك الجواب أولى لأن جواب السلام وإن كان واجباً فيسقط بأدنى غرض حتى يسقط بكون الإنسان في الحمام أو في قضاء حاجته وغرض الزجر أهم من هذه الأغراض، وإن كان في ملأ فترك الجواب أولى تنفيرًا للناس عنه وتقبيحًا لبدعته في أعينهم.
القسم الثالث: المبتدع العامي الذي لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون، فالأولى أن لا يتابع بالتغليظ والإهانة بل يتلطف به في النصح فإن قلوب العوام سريعة التقلب فإن لم ينفع النصح وكان الأعراض عنه (تقبيحًا) لبدعته، تأكد الاستحباب في الإعراض. (وإن علم أن ذلك) لايؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده في قلبه فالإعراض أولى لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فساده.
وأما العاصي بفعله وعمله لا باعتقاده فلا يخلو إما أن يكون يتأذى به غيره كالظلم والغصب وشهادة الزور والغيبة والمشي بالنميمة وأمثالها أو كان مما لا يقتصر عليه ويؤذي غيره وذلك ينقسم إلى ما يدعو غيره إلى الفساد كالذي يجمع بين الرجال والنساء ويهيئ أسباب الشرب والفساد لأهل الفساد أو لا يدعو غ يره كالذي يشرب أو يزني. وهذا الذي لا يدعو غيره إما أن يكون عصيانه بكبيرة أو صغيرة وكل واحد إما أن يكون مصرًا عليه أو غير