رددت عليه ذهب الأمر بالمعروف وصرت منتصرًا لنفسك فيخرج إلى الأثم.
ونقل عن مهنا بن يحيى الشامي أنه قال: يأمر بالرفق والخضوع. قلت كيف؟ قال: إن اسمعوه مايكره لا يغضب فيريد أن ينصر نفسه.
وأنشد محمود الوراق:
اصبر على الظلم ولا تنتصر ... فالظلم مردود على الظالم
وكل إلى الله ظلومًا فما ... ربى عن الظالم بالنائم
ونقل حنبل، عن أحمد أنه قال - في المحنة - إن عرضت على السيف لا أجيب، وقال عمر بن حبيب: من اراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر وليثق بالثواب من الله فمن وثق بالثواب لم يجد المستأنف الأذى.
وقد روي عن الأستاذ الجليل أبي إسحاق إبراهيم بن أدهم - قدس الله روحه- في الصبر على البلاء واحتمال الأذى أشياء كثيرة.
ومن أمثلتها: أنه خرج إلى بعض البراري فاستقبله رجل. فقال له: أنت عبد؟ فقال: نعم. فقال: أين العمران؟ فأشار إلى المقبرة فقال الرجل: إنما أردت العمران. فقال: هو المقبرة فغاظه ذلك فضرب رأسه بالسوط فشجه شجة فأدماه ورده إلى البلد فاستقبله أصحابه فقالوا: ما هذا؟ فأخبرهم الجندي. فقالوا: هذا إبراهيم بن أدهم فنزل الجندي عن دابته وقبل يده ورجليه وجعل يعتذر إليه فقبل له: لم قلت أنا عبد؟ قال: إنه لم يسألني أنت عبد من؟ بل قال أنت عبد؟ قلت: نعم لأني عبد الله. ولما ضرب رأس سالت الله له الجنة.
فقيل له: إنه ظلمك، فكيف سألت الله له الجنة؟ فقال علمت أني أؤجر على هذا. فلم أحب أن يصيبني منه الخير ويصيبه مني الشر.
وأنشدوا:
سأصدق نفسي إن في الصدق راحة ... وأرضي بدنياي وإن هي قلت
وإن طرقتني الحادثات بنكبة ... تذكرت ما عوقبت منه فقلت
وما محنة إلا ولله نعمة ... إذا قابلتها أدبرت وتولت