للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الأب الحنون حزن حزنًا عظيمًا، وتأثر تأثرًا كبيرًا، وكان يود لو كانت في غير عينيه، وقام ليلته يبكي ويَئِنّ يركع ويسجد ويلحس بلسانه عين ولده ويدعو الله - عز وجل -، والله قريب مجيب، فما قام لصلاة الفجر حتى عاد لولده البصر، فحمد الله كثيرًا.

هذه القصة ذكرها الشيخ علي القرني في أحد دروسه وقال في نهايتها: «وهو معروف عند بعضكم أيها الجالسون، قد يكون هنا مَن يعلم الشخص الذي حصلَتْ له الدعوة والذي كانت منه الدعوة».

٢ - ذُكِر أن شابًا اسمه مُنازِل كان مُكبًّا على اللهو واللعب لا يفيق عنه، وكان له والدٌ صاحب دِينٍ، كثيرًا ما يعظ هذا الابن ويقول له: «يا بني، احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد»، وكان إذا ألَحّ عليه زاد في العقوق.

ولما كان يوم من الأيام ألَحّ على ابنه بالنصح على عادته، فمدّ الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله مجتهدًا ليأتينّ بيت الله الحرام ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام وأنشأ يقول:

يا مَن إليهِ أتَى الحجّاجُ قد قطعُوا ... عَرضَ المَهامِهِ مِن قُربٍ ومِن بُعْد

إنِّي أتَيْتُكَ يا مَن لا يُخيِّبُ مَن ... يَدْعُوهُ مبتهلًا بالواحد الصمَد

هذا مُنازِلُ لا يرتدُّ من عَقَقِي ... فخذ بحقّيَ يا رحمن من ولدي

وشُلَّ مِنْهُ بحَوْلٍ مِنْكَ جانِبهُ ... يا مَن تَقَدَّس لم يُولَد ولم يَلِد

(المهَامِه: جمع مهمهة، وهي المفازة البعيدة).

فما أنزل الأب يدَيْه إلا وقد شَلَّ اللهُ نصفَ جسدِ هذا الابن العاق، وأصبح مشلولًا إلى أن مات، نعوذ بالله من العقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>